إن الأرض للجبناء !!

جاء في الويكيبيديا معلومات عن مشروع فريد تقوم عليه الشركة الهولندية غير الربحية والمسماة مارس ون Mars one (أي المريخ واحد) بقيادة رجل أعمال هولندي. ويهدف المشروع إلى إقامة مستعمرة بشرية دائمة على المريخ. وقد تم الإعلان عنه في يونيو/حزيران 2012م، ثم في إبريل/نيسان 2013 أعلنت الشركة عن فتح باب الترشيح لمتطوعين يودون المشاركة في رحلة إلى المريخ في اتجاه واحد. وسيتم بدءاً من 2016 تدريب 40 شخصاً من أنحاء العالم في صحراء أريزونا الأمريكية للتأقلم على بيئة المريخ.

ثم في 2018 سيتم إرسال مركبة استكشافية لسطح المريخ للبحث عن أفضل الأماكن للاستقرار على الكوكب، وفي عام 2021 ستكون كافة المؤن المطلوبة قد وصلت بالإضافة إلى مركبة استكشافية أخرى، وسيتم إرسال الآلات الضرورية لتصنيع المياه والأكسجين وصنع المناخ الأرضي على سطح المريخ، لتنطلق أول رحلة في 14 سبتمر 2021 وعلى متنها 4 أشخاص ستكون مهمتهم بناء مستوطنة، لتصل أول دفعة من السكان عام 2023 بعد رحلة مدتها سبعة أشهر من الأرض بواسطة كبسولة التنين، وسيأخذ هؤلاء معهم معدات وأدوات للاستقرار، وستنضم إليها فرق أخرى كل سنتين. وبحلول عام 2033 سيكون هناك أكثر من عشرين شخصا يعيشون ويعملون على سطح المريخ.

مما يُذكر أنه حتى نوفمبر 2013 تلقى البرنامج أكثر من 225 ألف متطوع حول العالم، رغم إدراكهم أنها رحلة باتجاه واحد، فلا عودة منها إلى الأرض مرة أخرى. وستقوم الشركة بتصفية المتنافسين حسب معايير خاصة بهذه الرحلة الفريدة.

لكل واحد من المتنافسين على هذه الرحلة أهدافه وتصوراته. فبعضهم يودون العيش على المريخ كنوع من المغامرة وحب الاستكشاف، وبعضهم يحبون العزلة بطبيعتهم، فتأتي هذه الرحلة لتجعلهم سعداء لأن يبتعدوا عن الناس، في حين يرى بعضهم أن رحلة اللاعودة هذه ستمنحهم هدفا آخر للحياة ليصنعوا شيئاً مختلفاً في هذا العالم. وهناك فريق يرى نفسه فرحاً لأنه سيهجر كوكب الأرض إلى الأبد لما فيه من جرائم. وهنا تذكرت قول الشاعر في رثاء صديقه الذي قُتل غيلة، حيث قال يخاطب نعشه:

اصعدْ، فموطنُك السّماءُ، وَخلِّنا *** في الأرضِ، إن الأرضَ للجبناءِ

كل أملي أن تُوفق الشركة إلى اختيار الأشخاص المناسبين، فلا يتسرب بينهم قابيل الذي كان أول من سنّ القتل على الأرض، فكان كمن قتل الناس جميعاً. وسنّه ضد مَن؟ ضد أخيه الذي قال له (لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ! إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ). لكن أملي الأكبر هو أن تستطيع تلك المستعمرة استيعاب ملايين السوريين المشردين والمهجرين، فهؤلاء فقدوا الأحبة ومراتع الصبا، ويعيش بعضهم بلا غذاء ولا ماء ولا دواء ولا كهرباء، وهم متشوقون إلى مكان آمن لا تطاله البراميل المتفجرة التي تهلك الحرث والنسل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي