تقليعات السياح
تبذل الدولة جهودا كبيرة لتحسين سمعة المملكة في الخارج. تصرف الأموال وتقيم المؤتمرات وتنشر التوعية للمسافرين والمقيمين في الخارج بحكم مركزها الديني والاقتصادي. هذه الجهود تصب في النهاية في مصلحة الوطن والمواطن.
لكن كل هذا لن يجدي نفعا ما دام كثير ممن يسافرون للخارج يبذلون جهودا معاكسة مؤداها الإساءة لسمعة المواطن السعودي وبالتالي الدولة التي يأتي منها. عندما تعمل الدولة لتأكيد تقدمها وتفوق قدرات أبنائها وكفاءة خططها التنموية والبشرية، ثم يأتي من يعطي الانطباع بأن الشعب متخلف وأن أبناءه يعيشون حالة فصام وفقدان هوية تدفعهم لسلوكيات غريبة، فكل الجهود ستبوء بالفشل.
كل من حذر وانتقد السلوكيات التي لا تتوافق مع أخلاقيات ومفاهيم المجتمعات الأخرى، يهدف لحفظ سمعة الوطن. ذلك أن الشخص الذي يسافر لأي دولة يجب أن يكون على بينة من المقبول والمرفوض، هو ملزم بالتعرف على وضع المواطن هناك وما يواجهه من صعوبات لئلا يسلك ما يمكن أن يثير حفيظة الناس، كما أن التعرف على الثقافة والمسموح والممنوع في هذه المجتمعات ضروري.
استمرار بعض السياح السعوديين في السهر واحتلال الشوارع في الليل، والتوجه لأماكن مشبوهة، والإنفاق غير المنضبط، والتباهي بالمجوهرات والسيارات، تؤدي إلى الإساءة للجميع ذلك أن الآخرين ينظرون إلى الشخص كممثل لدولته.
شاهدنا في السابق برامج تلفزيونية وتقارير صحافية ورسوم كارتونية تنتقد المواطن الخليجي والسعودي خاصة، الملاحظ أنه في السنوات الأخيرة توارى كثير من تلك السلوكيات لدى أغلب الخليجيين، لكن أبناءنا يستمرون في احتلال صفحات الجرائد بما يفعلونه من أعمال يبدو أنهم يقصدون أن يشتهروا بها.
استأثر مواطن سعودي بخبر وتغطية صحافية عندما قرر أن يغسل سيارته في أحد شوارع لندن. حمل الخبر نقدا لملكية سيارة بهذه التكلفة، كما حمل انتقادا مبطنا لشحنها من السعودية إلى لندن لأنها تحمل لوحات سعودية، وأكد أن التصرف لم يكن حضاريا بسبب ما أدى إليه من تعطيل حركة السير. إذا لا بد أن نحد من إمكانية حدوث سلوك كهذا، وهي مسؤولية مشتركة بين وزارتي الخارجية والداخلية. السفارات مسؤولة عن تحديد المخالفات والمخالفين، والداخلية مسؤولة عن التعامل معهم قبل أن يخرجوا من البلاد ويسيئوا لكل المملكة، وكلتاهما مسؤولتان عن التوعية ووضع القوانين.