هل نملك ثقافة استثمار فرص الأزمات؟
هذا السؤال مهم جدا وخصوصاً في مثل هذا الوقت العصيب الذي يمر على الأسواق المالية العالمية، كما أن هذه الأزمة تعد استثنائية على سوقنا وتجارنا بشكل خاص حيث أن سوقنا كما ذكرت جميع التقرير المالية العالمية سيكون الأقل تضرراً من غيره كما أن تجارنا مازال الكثيرون منهم يملكون سيولة كبيرة إضافة إلى أن أسعار برميل النفط لم تهوي كما توقع البعض، بل إن سعرها حالياً تعد جيدا كما لا ننسى أيضاً أن رخص أسعار المواد الخام التي كان غلاؤها في السابق يشكل عبئا على التنمية سيسهم بشكل كبير في نسج فرص أفضل.
عزيزي القارئ إن ثقافة البعض مع الأسف بالأزمات المالية هي الهروب بالسيولة التي يملكونها إلى استثمارات آمنة كعقارات ذات دخل ثابت وإن قل، بل إن بعض التجار مع الأسف يقوم بالإغلاق على ما لديه من سيولة فلا يحركها أبدا خوفاً مما قد يأتي وكأنه يتوقع أن السيولة ستصبح في القريب العاجل تشتري مثلاً عقارات بأبخس الأسعار وأن أسعار الأراضي في طريقها إلى هاوية وأنه خلال الأشهر المقبلة ستصبح السيولة مطلوبة أكثر وتتوافر فرص أكثر وأكثر، وهذا الاعتقاد أثبت خطأه في السابق.
وبالطبع فإن تلك الأوهام والانتظار اللامنطقي سيضيعان على مالك تلك السيولة الفرص في الركود الأولي التي عادة ما تكون فرصا ذهبية للشراء بسبب حالة الذعر التي تنتاب بعض ملاكها وقد لا يستمر هذا الركود طويلاً، كما أن كثيرا من التجار يملكون سيولة ضخمة وجميعهم يملكون ذات الاستراتيجية، وفي حالة قاموا جميعهم باتخاذ قرار الشراء في وقت واحد يصبح السؤال هل ستبقى تلك الفرص في انتظارهم؟
كما أن زمن الأزمات عزيزي القارئ هي فرصة ذهبية لتكوين الثروات لا تأتي إلا مرة في العمر فكم من ثري كون ثروته باستغلاله أزمة أو ركودا اقتصاديا كما أني لا أنسى مقولة للشيخ صالح الراجحي - أطال الله في عمره وختم له بخاتمه طيبة - عن متى تشتري ومتى تبيع فقال أشتري عندما يبيع الناس وأبيع عندما يشتري الناس وهذه الحكمة طبعاً لم تأت من فراغ بل من تجربة سابقة كون من خلالها ثروة طائلة كما أن الأمير الوليد بن طلال كان ذكيا جداً حينما استغل فرصة نزول سهم "سيتي غروب" في وقت الأزمة التي عصفت بالاقتصاد العالمي والركود في بداية التسعينات وقاد حملة للشراء في ذلك السهم الذي بشهادة الجميع في ذلك الوقت كان مستهجناً ومحل انتقاد لخطورة تلك الخطوة، ولكن ما لبثت تلك الأزمة أن تلاشت وارتفعت قيمة السهم بشكل غير متوقع كون من ورائها ثروة جعلته أحد أثرى أثرياء العالم.
وتأكد عزيزي القارئ أن الأزمة عندما تتلاشى فإنها لا تعطي مؤشرات بل تتلاشى فجأة كما أتت فجأة فمن كانت له نظرة تفاؤلية سيستفيد منها ومن كدس الأموال وجمدها فليعلم أنه ليس وحده من يملك المال غيره كثيرون انتهجوا ذات المبدأ.