هل تمطر السماء خبرة؟!
من الأمور المزعجة التي تواجه الشباب السعودي عند بحثهم عن عمل السؤال المعتاد: كم سنة خبرة لديك، وكأن الخبرة تمطر من السماء فإذا كانت الخبرة تأتي ابتداء من الحصول على عمل ومعظم جهات العمل ستطلب خبرة فنحن ندور في حلقة مفرغة ستأتي بالنتيجة نفسها وهي ازدياد نسبة البطالة في بلد يتجاوز العاملون فيه من غير المواطنين سبعة ملايين.
من خلال نظرة عامة للسوق السعودية يتبين وجود أعداد هائلة من غير المواطنين، وبلا شك أن هؤلاء مرحب بهم وحقوقهم كافة لا بد أن يأخذوها ولكن كم من هؤلاء قدم قيمة مضافة وما نسبة هذه القيمة والأمر الأهم من الأولى بهذه الوظائف هم أم المواطنون كم نص على ذلك نظام العمل . فالقضية ليست موضوعاً عنصرياً، مواطن مقابل غير مواطن، وإنما هي معالجة البطالة بين شعب يشكل الشباب فيه نسبة 70 في المائة من عدد السكان، فعدم معالجة ذلك سيزيد من المشكلات الأسرية، الاجتماعية، الأمنية والاقتصادية.
وبحكم قربي من سوق المحاماة في المملكة سيكون التركيز على كيفية زيادة الخبرة لدى المحامين السعوديين، (وذلك يشمل الباحثين والمستشارين القانونيين في القطاعين العام والخاص)، فيظهر لي أن هناك تعارضاً بين مبدأ طلب الخبرة من خريجي القانون السعودي وتوظيف المستشارين القانونيين الذين لديهم خبرة في دولة أخرى، فقد تجد أحدهم لديه خبرة لأكثر من 20 عاما ولكن في نهاية المطاف في قوانين بلد آخر، وفي الوقت نفسه لا يستطيع أن يستفيد من خبرته بشكل واضح في تقديم استشارات متعلقة بالقوانين السعودية ويستغرق منه الأمر أحياناً ما يقارب سنتين لكي يعرف كيف يستخدم خبرته في السوق السعودية، فلماذا لا نستخدم هذا المكان لإعطاء خبرة لمحام سعودي؟!
من العوامل التي يمكن الاستفادة منها عن طريق الشؤون القانونية في الشركات الكبرى والهيئات والمؤسسات الحكومية، فعدد كبير من هذه الجهات وقع عقود أعمال قانونية سواء مع مكاتب محاماة محلية أو دولية فإذ كانت العقود كبيرة فحري بهذه الجهات أن تشترط على هذه المكاتب أن تقوم بتدريب أحد الشباب السعوديين فتقوم الجهة بتوظيفه ومن ثم إعارته لذلك المكتب.
من العوامل كذلك، مسألة أن تلتزم مكاتب المحاماة بتدريب واحد أو أكثر على حسب عدد المحامين في المكتب سنوياً سواء بقصد استمراريته مع المكتب نفسه أو لفائدة السوق بشكل عام. والأمر نفسه ينطبق على الشركات التي لديها عدد جيد من المحامين.
هناك عوامل أخرى نستطيع أن نبتدعها إذا وجدت لدينا الإرادة، وإذا لم يحصل ذلك بشكل اختياري فسيكون على الجهات المختصة أن تصدر التشريعات الإضافية اللازمة لدعم الشباب السعودي.
السوق تحتاج إلى عدد كبير من المحامين، ولكن إذا ظل شرط الخبرة موجوداً بالطريقة نفسها فسيزيد اعتمادنا على المحامين من غير المواطنين يوماً بعد يوم وستعود أعداد كبيرة من المبتعثين إلى أرض الوطن بلا خبرة وستتخرج أعداد أكبر من الطلبة من جامعاتنا ومن ثم سينظرون للسماء لعلها تمطر خبرة، وإذا لم يحصل ذلك ولن يحصل فستكون الهجرة إلى بلدان أخرى لعلهم يجدون الخبرة المنشودة.