مجلس الشورى بين مهامه القانونية وتوقعات المواطنين
يتردد بين الحين والآخر في إعلامنا ومجالسنا مسألة أن مجلس الشورى خلال ما يقارب 20 عاما من عمره لم يقدم للمواطن ما يذكر، وإنما هو مجرد تكاليف مادية على عاتق ميزانية الدولة من دون قيمة مضافة للوطن والمواطن. قد نتفق أو نختلف مع هذه النظرة في بعض جوانبها ولكن هي نظرة موجودة وتطرح سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
قبل أن نصل إلى هذه النتيجة التي قد تكون ظالمة فلنتعامل مع الموضوع بالقاعدة الأصولية «الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره» فما مهام مجلس الشورى؟ هناك عدة نصوص قانونية مرتبطة بمهام المجلس نأتي على ذكرها على الوجه التالي:
فالنص الأعم هو نص المادة 15 من نظام مجلس الشورى «يبدي مجلس الشورى الرأي في السياسات العامة للدولة التي تحال إليه من رئيس مجلس الوزراء وله على وجه الخصوص ما يلي:
أ- مناقشة الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وإبداء الرأي نحوها.
ب- دراسة الأنظمة واللوائح والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والامتيازات واقتراح ما يراه بشأنها.
ج - تفسير الأنظمة.
د ـ مناقشة التقارير السنوية التي تقدمها الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى واقتراح ما يراه حيالها.
هذا النص القانوني تطرق إلى اختصاصين عام وخاص، فالعام هو أن لمجلس الشورى حق إبداء الرأي في السياسات العامة للدولة، ولكن ذلك بشرط أن تحال إليه من قبل رئيس مجلس الوزراء. أما فيما يتعلق بالخاص فللمجلس الحق في أن يمارس دوره في المهام الأربع والمذكورة على وجه الخصوص في نص المادة ابتداء، حيث إن إحالة رئيس مجلس الوزراء ليست متطلبا.
النص الثاني ذو الأهمية في هذا المجال هو نص المادة 17 من نظام مجلس الشورى: ترفع قرارات مجلس الشورى إلى الملك ويقرر ما يحال منها إلى مجلس الوزراء، إذا اتفقت وجهات نظر مجلسي الوزراء والشورى تصدر القرارات بعد موافقة الملك عليها. وإذا تباينت وجهات النظر في المجلسين يعاد الموضوع إلى مجلس الشورى ليبدي ما يراه بشأنه ويرفعه إلى الملك لاتخاذ ما يراه»، وكذلك نص المادة 18 من نظام مجلس الشورى «تصدر الأنظمة والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والامتيازات وتُعدل بموجب مراسيم ملكية بعد دراستها من مجلس الشورى».
نص المادة 22 من نظام مجلس الشورى «على رئيس مجلس الشورى أن يرفع لرئيس مجلس الوزراء بطلب حضور أي مسؤول حكومي جلسات مجلس الشورى إذا كان المجلس يناقش أموراً تتعلق باختصاصاته وله الحق في النقاش دون أن يكون له حق التصويت».
النص الأخير في هذا المجال هو نص المادة 23 «لمجلس الشورى اقتراح مشروع نظام جديد أو اقتراح تعديل نظام نافذ ودراسة ذلك في المجلس، وعلى رئيس مجلس الشورى رفع ما يقرره المجلس للملك».
هذه هي النصوص القانونية التي تقنن مهام المجلس وهي باختصار مناقشة الخطط العامة، دراسة القوانين والمعاهدات والاتفاقيات الدولية وتفسير القوانين، مناقشة التقارير السنوية للجهات الحكومة وتقديم الاقتراحات، طلب حضور مسؤول حكومي، وأخيراً اقتراح مشروع قانون جديد أو تعديل قانون نافذ.
من خلال هذا العمر القصير للمجلس يتبين أن المجلس يعمل وفق مهام محددة قانوناً قد أدى كثيرا منها وإن كان هناك تقصير ظاهر فهو فيما يتعلق باقتراح مشروع قانون أو تعديل القوانين النافذة، حيث إن هناك نقصا تشريعيا في بعض المجالات وهناك قوانين قديمة لا تتوافق مع التقدم الحاصل ولكن الإشكالية الرئيسة أن المشرع أخذ بقول للفقهاء وهو أن الشورى غير ملزمة وهذا يتضح من خلال مراجعة النصوص القانونية لنظام مجلس الشورى ولم يأخذ بالقول الآخر لفقهائنا وهو أن الشورى ملزمة. فهل آن لفقهائنا المعاصرين وخاصة من منهم في مجلس الشورى النظر في هذا الأمر ورفع اقتراحات للملك بناء على نص المادة 23 بتعديل النصوص ذات العلاقة لتفعيل دور مجلس الشورى، وكذلك هل آن للقانونيين الموجودين في مجلس الشورى وزملائهم أعضاء مجلس الشورى أن ينظروا في مهام المجلس واقتراح الآليات لتطويرها، حيث يمارس المجلس دورا أكبر يرضي طموحات المواطنين.