1050 مليار دولار.. الأصول الاستثمارية نهاية 2010
يشير التقرير السنوي الرابع لصناديق الاستثمارات الإسلامية للربع الأول من عام 2010م الذي صدر عن “إرنست آند يونغ” خلال المؤتمر العالمي لصناديق الاستثمار الإسلامية والأسواق المالية، إلى أن مجمل أصول صناديق الاستثمار الإسلامية العالمية بلغ 52.3 مليار دولار في نهاية عام 2009م، قريبا من مستوى عام 2008م البالغ 51.4 مليار دولار، وهذه دلالة واضحة على إيجابية الأصول والصناديق الإسلامية مع تحسن وتعافي الأسواق المالية، مما أدى إلى إطلاق 29 صندوقا إسلاميا جديدا خلال عام 2009م وعوض عن الصناديق الإسلامية التي تمت تصفيتها خلال الأعوام السابقة.
وكان إطلاق الصناديق الاستثمارية قد وصل إلى أعلى مستوياته في عام 2007م، حيث أطلق 173 صندوقاً، ومنذ ذلك الوقت حتى نهاية عام 2008م، الذي شهد تراجعاً في إطلاق الصناديق الاستثمارية الإسلامية. أما عام 2009م فقد شهد تحولاً جديدا في إطلاق الصناديق الإسلامية كالأسهم العادية وصناديق الاستثمار العقاري، حيث أطلقت فئات أصول جديدة تتضمن صناديق الاستثمار المتداولة المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.
إن صناديق الاستثمار الإسلامية مهمة لتحقيق التكافل الاقتصادي بين المسلمين، ولا تزال تستحوذ على الصدارة بين مختلف أنواع الصناديق العالمية، حيث إن أصولها المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية ارتفعت بشكل ملحوظ في دول مجلس التعاون الخليجي وآسيا وجميع أنحاء العالم في العام الماضي لتصل إلى 736 مليار دولار أمريكي، مقارنة بنحو 267 مليار دولار أمريكي في الأعوام السابقة، وسجلت الأصول التي تمتلكها المصارف المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية ارتفاعا بنسبة 29 في المئة إلى 822 مليار دولار نهاية عام 2009م مقابل مبلغ 639 مليار دولار عام 2008م، وتستمر المصارف الإسلامية في النمو السنوي مع توقع وصول قيمة الأصول إلى 1050 مليار دولار أمريكي في نهاية عام 2010م، وهذا دليل على نموها بعد المستويات المنخفضة التي وصلت إليها خلال العامين الماضيين.
وتستحوذ دول مجلس التعاون الخليجي على الجز الأكبر من هذه الاستثمارات، حيث إن المملكة العربية السعودية تسيطر على19 في المئة من مجمل الصناديق الإسلامية في العالم وتليها ماليزيا بـ 11 في المئة من الإجمالي العالمي، كما أن مصادر النمو بالنسبة للصناديق الإسلامية يتمثل في الأسواق غير المستغلة مثل أسواق آسيا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا وبقية دول العالم الغربي بسبب وجود عدد كبير من السكان المسلمين هناك.
وعلى الرغم من العوائق التي تواجه إنشاء الصناديق الإسلامية إلا أن أسسها لا تزال قوية بامتلاكها نحو 500 مليار دولار أمريكي أصولا مدارة من قبل هذه الصناديق، إضافة إلى قاعدة سكانية إسلامية ضخمة ومتزايدة غير مستغلة، ويشهد عام 2010م تحولا في استثمارات الصناديق، كالأسهم العادية وصناديق الاستثمار العقاري، حيث تم إطلاق عدة أصول جديدة تتضمن صناديق الاستثمار المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، كما أدى انعدام ثقة المستثمرين إلى وجود ودائع كبيرة لدى المصارف الإسلامية لم يتم استثمارها في الصناديق الإسلامية.
لذا يفترض اللجوء إلى إعادة الهيكلة لصناديق الاستثمار الإسلامية والاندماج لتخطي التحديات المستقبلية، وتحقيق مصلحة القطاع الاستثماري الإسلامي على المدى الطويل، كما على المؤسسات والشركات القوية التي تتمتع بأصول مدارة أكبر حجما وأكثر مرونة التكيف مع الاحتياجات المالية المتزايدة للمستثمرين، فهي قادرة على الاستحواذ على حصة أكبر في السوق، وفي الوقت الذي يحاول فيه مديرو الصناديق اكتشاف ما يفضّله المستثمرون من جديد، عليهم التركيز على الارتقاء بجودة عروضهم، واعتماد نماذج عمل أكثر مرونة ونهجا للوصول إلى عملاء جدد، إضافة إلى إجراء تغييرات جذرية في هياكل التكاليف والرسوم، بما في ذلك مزيد من الشفافية والمكافآت والحوافز، حيث هناك فرصة كبيرة أمام مديري الصناديق الاستثمارية القادرين على التكيف بسرعة مع استراتيجياتهم لتلبية احتياجات العملاء الذين هم أكثر خبرة، الأمر الذي يحفّز لتبني استراتيجيات ونماذج تشغيلية متقدمة بما يحقق مستويات جديدة ويشكل النمو القوي المتواصل للأصول الإسلامية القابلة للاستثمار للتكيف مع الاحتياجات المالية المتزايدة للمستثمرين والاستحواذ على حصة أكبر في السوق.
كثير من الخبراء يحثون على العودة إلى نظام المصرفية الإسلامية، مؤكدين أنها هي الملاذ الآمن في وقت الأزمات، حيث إن المصرفية الإسلامية أفضل من التقليدية في حال توافر كوادر مؤهلة، كما أن التقارير تشير إلى أن إجمالي الاستثمارات التي تتم وفق المصرفية الإسلامية تبلغ 150 مليار دولار دون الاستثمارات الخاصة والعقارية، منها 50 مليار دولار في الصناديق الاستثمارية الإسلامية، وعوائد المؤسسات المالية الإسلامية أعلى من التقليدية إذا تمت إدارتها بشكل مهني، وقد سجل مؤشر إم إس سي آي MSCI العالمي للأسهم الإسلامية أداء جيداً خلال فترة السنوات الثلاث الماضية بين شهر مايو من عام 2007م إلى شهر مايو من العام الحالي 2010م. وهذا الأداء الجيد في الأوقات الصعبة ليس الدليل الوحيد على الأداء الإيجابي للاستثمار المطابق للشريعة، ولكن يضاف إليه أداء المؤشر خلال دورة السوق الكاملة في نهاية مايو 2010. وذكر التقرير أنه رغم ظهور مؤشرات على تحسن الاقتصاد العالمي خلال عام 2009، إلا أن وتيرة المكاسب كانت أبطأ مما توقع البعض خلال عام 2010م على الرغم من تزايد الأدلة التي تشير إلى أن الاقتصاد العالمي تخطى الأزمة ودخل فترة الانتعاش.
ويلاحظ أن معظم مديري صناديق الاستثمار الإسلامية يركزون من جديد على فهم متطلبات مستثمريهم في فترة ما بعد الأزمة وإعادة بناء الثقة، وقد بدأت بعض قطاعات المستثمرين تبدي إشارات مبكرة للتعافي الاقتصادي، حيث أن هناك استثمارات ضخمة في تعزيز البنية التحتية لإدارة المخاطر، واعتماد نماذج عمل أكثر مرونة. هذه الأوضاع رفعت من أداء الصناديق الاستثمارية الإسلامية وجعلتها تعود نحو تحقيق الأرباح من جديد، وأصبح على رأس قائمة أولويات مديري صناديق الاستثمار تحسن عديد من الصناديق الاستثمارية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية لتعود إلى تحقيق نسبة النمو نفسها التي كانت تحققها قبل الأزمة العالمية، وتصبح بديلاً موثوقًا لقطاع المصارف في عدد كبير من الأسواق العالمية.