وزارة الإسكان تواجه عقبات أولاها إشكاليات الأراضي البيضاء وآلية توزيعها

بداية دعونا نقول إن هذه الدراسة أعدت منذ أكثر من عام، وقبل قرار الملك الأخير بمنح 500 ألف وحدة سكنية بمبلغ 250 ألف مليون ريال (بمعدل 500 ألف ريال لكل وحدة)، وإنشاء وزارة للإسكان وتحويل مسؤولية إدارة الصندوق العقاري إلى الوزارة الناشئة.

كما أن هذه الدراسة عرضت على بعض المسؤولين بناء على طلبهم، ونثق بأن فيهم النية المخلصة للتطوير والإصلاح، ولكن أيضا نعلم حدود مسؤولياتهم ونفهمها.

ورغم أهمية تلك القرارات الاستراتيجية، فإن وضع التمويل العقاري في المملكة وصندوق التنمية العقاري تحديدا أصبح أكثر إلحاحاً بعد تلك القرارات، وفي حاجة ماسة إلى إعادة نظر حتى يمكن أن يشمل نفعه والفوائد المرجوة منه الجميع، وحتى يتحول عمله من مبادرة مشكورة من الملك إلى قائد للقطاع العقاري والتمويل العقاري بشكل عام.

لذلك هذه الدراسة مهداة لوزير الإسكان، مع تمنياتي له بالتوفيق والنجاح، وأن يقوم بالأمانة على أكمل وجه، كما يتوقعها منه ولاة الأمر. وإليكم الدراسة:

#2#

أولاً: واقع صندوق التنمية العقارية والإسكان

ببساطة شديدة وتلخيص أشد، قدم صندوق التنمية العقارية أكثر من 140 مليار ريال خلال مسيرته التي تتجاوز 35 عاماً، غير أنه اليوم غير قادر على مواكبة الاحتياجات الفعلية للمواطن، حيث تجاوزت مدة الانتظار الـ 15 إلى 20 عاماً، وحسب معادلة العرض والطلب الحالية يتوقع أن تصل مدة الانتظار إلى 28 عاما في المتوسط.

وعلى الرغم من الدعم السخي المقدم من قبل الحكومة للصندوق أخيرا (25 مليار ريال)، إلا أن ضعف هيكلية عمل الصندوق أدت إلى أن ما يقدم يصب في اتجاه واحد دون تحقيق الهدف المنشود.

ووصل الحال إلى أن الأموال تصرف ولا تعود، حيث إن نسب السداد، وإن كانت تختلف من منطقة إلى أخرى، تصل إلى ما دون 1 في المائة في بعض المناطق وهي في المتوسط ضعيفة جداً.

والدليل، ودون أن يكون لدينا إحصائيات دقيقة عن نسب السداد، فإن عدم قدرة الصندوق على تقديم قروض جديدة إلا من خلال دعم حكومي جديد، يدل دلالة قطعية على أن معظم القروض التي يقدمها الصندوق لا يتم سدادها.

وقد خلق ذلك مشكلة أكبر وهي أن تلك القروض الممنوحة للمواطنين مرهونة بالعقار السكني الذي يملكونه، وهم غير قادرين على التصرف به، مما خلق حالة جمود واضحة في وضع هذه العقارات بالذات في المدن غير الرئيسة، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن قيمة العقارات ثابتة قد تتجاوز تريليوني ريال.

كما خلقت هذه الحالة مشكلة كبيرة تتعلق بكيفية التصرف في تلك العقارات، فالمالك غير قادر على التسديد أو غير راغب في ذلك، بينما المشتري قد لا يرى أن قيمتها تساوي رهن المبنى، وبالذات تلك العقارات التي تم التقدم بقروض لها في بداية عمل الصندوق العقاري مطلع السبعينيات الميلادية.

علاوة على ذلك، فإن الصندوق غير راغب في وضع اليد على عقارات المتعثرين عن السداد نتيجة لوقائع سياسية واجتماعية وثقافية.

يضاف إلى كل ما سبق بعض الأمور الفنية التي تحول دون الخروج من الدائرة المفرغة للعقارات المرهونة الخاصة بالمتعثرين عن السداد كسرعة تقادم العقارات السكنية في المملكة بما فيها العقارات المرهونة، وهي ظاهرة في حاجة إلى دراسة.

وفي هذا الصدد، أشار تقرير اللجنة المالية المرفوع لرئيس مجلس الشورى إلى أن ''صندوق التنمية العقارية قدم 530328 قرضاً بقيمة إجمالية بلغت 141.061 مليار ريال، وعلى الرغم من ذلك ما زال هناك أكثر من 504899 قرضاً على قائمة الانتظار تبلغ قيمتها التقديرية نحو 131.8 مليار ريال، وقد موّل الصندوق عام 1428هـ، 4 في المائة من إجمالي الطلبات المتراكمة الموجودة على قائمة الانتظار، مما يعني أن الصندوق برأسماله الحالي يحتاج إلى نحو 28 عاماً لتمويل الطلبات المتراكمة، مع افتراض استمرار الحكومة في تخصيص مبلغ ميزانية لتعويضه عن جزء من مبالغ الخصم والإعفاء، ودفع جميع المقترضين قيمة القروض المستحقة عليهم''.

وفي موضع آخر، يشير تقرير اللجنة المالية في مجلس الشورى إلى تأكيد اللجنة ''أن كل ذلك جعلها توصي برفع رأسمال الصندوق من 91.8 مليار ريال إلى 200 مليار ريال، مع العلم بأن الصندوق لم يتمكن من الحصول على كامل رأسماله، وأن المدفوع له 86.3 مليار ريال فقط، حيث تم دعم ميزانية الصندوق في ميزانية 2008 بأكثر من 25 مليار ريال موزعة على خمسة أعوام (معدل خمسة مليارات سنوياً).

وبررت اللجنة المطالبة برفع قيمة القرض إلى 500 ألف ريال بتغير الأسس التي أنشئ عليها عند تأسيسه قبل 35 عاما، وكذلك الزيادة الحادة والمستمرة في أسعار مواد البناء والأيدي العاملة، وضرورة زيادة القرض ليواكب ـــ ولو بصورة جزئية ـــ زيادة تكاليف البناء وغلاء المساكن''.

ولكن هذه المقترحات قد تزيد من حجم المشكلة، إلا إذا افترضنا أن هذه المقترحات تدخل في مهام عمل الدولة على الرغم من قناعتي الشخصية بعدم سلامة مثل هذه التوجه على مستقبل الإنتاجية والفلسفة الاقتصادية للمملكة.

وقد بلغت القروض غير المسددة NPL لدى صندوق التنمية العقارية حتى عام 2008 نحو 75.4 مليار ريال، سدد منها في السنة ذاتها نحو 3.0 مليار ريال، بينما كان صافي الإقراض في أغلبية السنوات بالسالب، أي أن ما يدفعه الصندوق يفوق ما يحصله من الديون السابقة، رغم أن إجمالي ما يدفعه سنويا لا يمثل إلا 4 في المائة من إجمالي الطلبات.

وما يعزز أهمية التمويل العقاري في توفير مساكن خاصة تأكيد وزارة الاقتصاد والتخطيط في خطة التنمية الثامنة 2005 ـــ 2009 بوجود مواطنين لا تمكنهم إمكاناتهم من تأمين مساكن خاصة بهم، بدءاً من شراء الأرض وانتهاءً بتوفير المبالغ اللازمة لبناء المسكن.

ويزداد الأمر صعوبة ـــ بحسب الخطة ـــ لهذه الشريحة من المواطنين نتيجة استمرار ارتفاع أسعار الأراضي وانخفاض مساحة الأراضي السكنية المتاحة ضمن النطاق العمراني للمدن، إضافة إلى انخفاض حجم المعروض من المساكن الواقعة في متناول القدرات المالية للأفراد.

هذا في الوقت الذي يستمر فيه انخفاض عدد المساكن التي توفرها بعض الجهات الحكومية، إضافة إلى عدم مواكبة التمويل المتاح للطلب على قروض صندوق التنمية العقارية.

وأشارت الوزارة إلى دور صندوق التنمية العقارية كونه الجهة الوحيدة في المملكة التي تمنح القروض العقارية بشروط ميسرة.

بيد أنها ذكرت أن موارد الصندوق عجزت في السنوات الأخيرة عن مواكبة الطلب المتزايد على القروض، وأصبحت الفجوة بين الطلبات المقدمة ومعدل استجابة الصندوق لها تزداد اتساعاً، حيث تقدر طلبات التمويل التي تنتظر الموافقة بنحو 500 ألف طلب بنهاية خطة التنمية السابعة، مما يطيل مدة الانتظار للحصول على قروض جديدة.

وعللت خطة التنمية الثامنة ضعف دور صندوق التنمية العقارية إلى العقبات التي تواجهه في تحصيل الديون المستحقة، إضافة إلى محدودية الوسائل البديلة أو المكملة لتمويل الإسكان بشكل عام والإسكان المتعلق بذوي الإمكانات المحدودة من المواطنين بشكل خاص، وهو ما يتطلب تكثيف الجهود خلال فترة تنفيذ خطة التنمية الثامنة للتغلب على هذه المعوقات، وتقليص مدة الانتظار للحصول على قروض الصندوق.

وقد أوضحت وزارة التخطيط والاقتصاد العقبات التي تحد من قيام المصارف التجارية والشركات الخاصة بتوفير التمويل طويل الأجل للإسكان بشروط تعاقدية ميسرة وتناولت اعتماد آليات وضوابط يمكن في إطارها ضمان حقوق الأطراف المتعاقدة.

إضافة إلى ذلك، أشارت الوزارة إلى التوسع في برامج الإسكان التعاوني والادخار الإسكاني مع العمل على إصدار الأنظمة المساندة مثل نظام الرهن العقاري، ونظام البيع بالتقسيط والتأجير المنتهي بالتمليك، ومعالجة إشكاليات الأراضي البيضاء، خاصة ذات المساحات الكبيرة منها، والاستفادة من التجارب العالمية في هذه المجالات.

#3#

ثانياً: واقع التمويل العقاري في المملكة

في ضوء الأنظمة المقترحة التي نأمل أن تصدر بالشكل المأمول، نلاحظ التحركات الواضحة المعالم من قبل القطاع الخاص للاستعداد لتقديم التمويل العقاري، حيث إن عددا من الشركات أسست في المملكة وهناك عدد من الشركات في طريقها للتأسيس سواء أكانت بمسمى تمويل عقاري أو بمسمى شركات التقسيط العقاري.

كما إن البنوك المحلية والمرخص لها بالعمل في المملكة كلها تسعى لتقديم منتجات تمويل عقارية، ولكنها ودون استثناء بانتظار منظومة متكاملة من الأنظمة والإجراءات والهياكل الإدارية والمالية والسياسات لضمان الحقوق لجميع الأطراف.

وفي تصوري، إن إصدار الأنظمة دون إجراء إصلاحات هيكلية واضحة تحل كثيرا من المشكلات، سيشكل عبئا على الحكومة أكثر من كونه حلا لمشكلة التمويل.

وقد يلخص ما ورد سابقاً على لسان وزارة التخطيط والاقتصاد المشكلة أو مجموعة المشكلات التي تعانيها منظومة الإسكان في المملكة، التي قد لا تنحصر في إمكانات العرض التمويلي لصندوق التنمية العقاري في مواكبة الطلب على التمويل العقاري.

ولحساب تركيبة الطلب على العقار، ببساطة هناك نحو 16,6 مليون مواطن سعودي، 60 في المائة منهم شريحة شابة، و200 ألف خريج سنوي ينضمون لسوق العمل ما بين شباب وفتيات.

وبناء على الإحصائيات المتوافرة، وإن اختلفت أو تفاوتت أرقامها، إلا أن هناك على الأقل ما يصل إلى 70 في المائة من المواطنين لا يملكون مساكن! وحتى اليوم لم تتضح بشكل كامل التركيبة المتكاملة للإسكان في المملكة بكل جوانبها المتداخلة، والدور الذي ترغب الحكومة في القيام به خلال هذه المرحلة.

ولكن، يبدو أن التركيبة المتكاملة للإسكان في حاجة إلى إعادة هيكلة واضحة بالتزامن مع إعادة هيكلة صندوق التنمية العقارية.

وبالإمكان تقسيم تملك المساكن حالياً إلى شريحتين هما الشريحة القادرة على التمويل الذاتي وهي قليلة جدا! والشريحة التي استطاعت الحصول على قرض صندوق التنمية العقارية كمبلغ مساعد لها على إكمال بناء مساكنها.

وحالياً يوجد فقط ما يزيد قليلاً على 1500 قرض عقاري منح من قبل القطاع المصرفي حتى تاريخه ـــ حسب المعلومات المتوافرة لـ ''سمة''! وهو رقم متدن جداً ومكلف جداً على المقترضين بحد يصل إلى 40 في المائة عمولات على قيمة القرض الأصلي، أي أن مليون ريال يكلف نحو 400 ألف ريال إضافة إلى المليون.

وفي المقابل، فإن صندوق التنمية العقارية يعطي قرضا بنحو 300 ألف ريال يسدد دون تكاليف إضافية، ولكن بعد انتظار طويل (عقود) يصحبه عدم التزام من المواطن بسداد هذا القرض رغم أن عملية السداد سهلة وتقسط على 25 سنة، مع الأسف.

وفوق كل ذلك، وتبعاً لتكلفة البناء اليوم بالطريقة نفسها ما لم تتغير، فإن المبلغ الممنوح من قبل الصندوق قد لا يساعد على بناء الهيكل الأساسي للمسكن، فما بالك بمنزل كامل حسب مواصفات الأسر السعودية اليوم! فمواصفات المساكن لا تزال مكلفة ومبالغا فيها! ويبقى أن المشهد العام في المملكة يمثل جهود بناء مساكن فردية لا ترقى إلى مكانة وإمكانات المملكة!

وبطبيعة الحال، يكفي أنه حتى اليوم لم تستطع الهيئة العامة للإسكان (وزارة الإسكان حالياً) أن تفعل أي شيء واضح المعالم لمعالجة مشكلة الإسكان في المملكة لوجود عقبات كثيرة، من المهم لتذليلها وجود رؤية عليا لمعالجة المشكلة ابتداء من إشكاليات الأراضي البيضاء وآلية توزيعها، والجوانب الاجتماعية وطريقة التعامل العائلي مع قضية المسكن، والجوانب الاقتصادية، حيث ـــ بحسب دراسة حديثة للشركة السعودية للمعلومات الائتمانية ''سمة'' ـــ فإن ما يفوق 50 في المائة من المتعثرين عن سداد ديونهم في المملكة ممن يقل دخلهم الشهري عن ستة آلاف ريال، وتزداد هذه النسبة لتصل إلى 68 في المائة لمن تقل دخولهم الشهرية عن تسعة آلاف ريال (أي أن نحو 70 في المائة من نسب التعثر قد تكون عجزا حقيقيا عن السداد وليس اختياريا) وبالذات مع ما حدث من تداعيات 25 شباط (فبراير) 2006، وانهيار سوق الأسهم من مستويات 20 ألف نقطة إلى أربعة آلاف نقطة في فترة قصيرة.

لذا، فإن قضية دخل الفرد هي إحدى القضايا التي لا يمكن تجاوزها في موضوع الحصول على قرض سكني، حيث يبلغ متوسط دخل الموظف الحكومي وهي الشريحة الواسعة تقريباً ستة آلاف ريال للموظف! وعليه، فإن توزيع مصاريف الدخل للأفراد على التزاماتهم الشهرية (إيجار وفواتير) والمصاريف اليومية يفوق الدخل.

أي لا يوجد فائض في مستوى الاستهلاك الحالي لمقابلة أقساط تمويل سكني طويل الأجل. وحالة الدخل هذه تختصر عدم وجود برامج ادخار واضحة للأفراد والأسر وهي إحدى عقبات توسع جهات التمويل الحالية الخاصة في قطاع التمويل العقاري.

مما سبب ضغطا اقتصاديا اجتماعيا على شريحة الأسر التي يتقاعد عائلها.

الخيارات المتوافرة حاليا لصندوق التنمية العقارية

أمام تلك الوقائع والحالة المأزومة، وأمام الرغبة الحقيقة من قبل صانع القرار في التحرك للأمام، فلا خيار أمامنا اليوم إلا التحرك. وتبقى هنا اتجاهات محددة للتحرك فيما يخص الصندوق، وهي على النحو التالي:

1 - الاستمرار في دعم الصندوق مادياً بهيكلة الحالي، وكما ذكرنا فهذا الدعم سيصب في اتجاه واحد. ولا أعتقد أن ذلك خيار منطقي وطبيعي في ظل التغيرات التي تشهدها المملكة والاقتصاد العالمي برمته.

2 - التركيز على تشجيع المواطنين على دفع المستحقات من خلال عدة وسائل إعلامية وإعلانية وبرامج تشجيعية، بما في ذلك تذكيرهم بأن ذلك دين في رقاب المقترضين من خلال خطب صلاة الجمعة.

3 - وضع ضوابط أكثر صرامة في إلزام المواطنين بدفع المستحقات.

4 - إجراء تعديلات شكلية في تركيبة وهيكل الصندوق العقاري، مع المحافظة على الدور الذي يلعبه في برامج التنمية الحكومية. ولكنه سيظهر الصندوق بمظهر العاجز عن مواكبة الطلب المتزايد!

5 - التفكير بشكل جديد ومختلف تماماً للخروج بنتائج وتحقيق أهداف متعددة تخدم التنمية العقارية كلها وتحقق في الوقت نفسه أهداف القيادات العلياً في المملكة لخدمة الوطن والمواطن في الوقت نفسه، وتحتوي على تغير شامل في منظومة الإسكان في المملكة. وهذا من وجه نظري الخيار الوحيد أمام معضلة التمويل السكني في المملكة.

ثالثاً: تطوير هيكل صندوق التنمية العقارية:

النتيجة أو الحقيقة الماثلة أمام الجميع بعد استعراض خمسة خيارات أمام صانع القرار، أن الصندوق عملياً لا يستطيع أن يعمل أكثر مما عمل. كما أن أي التزام آخر يعني مزيدا من الالتزام الحكومي بدعمه. ولن يكون كافيا لإرضاء المجتمع.

وعليه فإن المقترح المزمع تقديمه يعتمد على عدد من العناصر والافتراضات لحل مشكلة التمويل ومشكلة الإسكان في المملكة بشكل عام، وهذا ممكن إذا ما تضافرت الجهود وخلصت النوايا لتطويق المشكلة وتحويلها من كونها مشكلة، إلى فرصة حقيقية اقتصادية تستفيد منها الدولة في تحقيق طموحات التنمية المستدامة وتنشيط القطاع العقاري بشكل عادل يستفيد منه كل من يستحق، بجانب توفير حاجات المواطن الأساسية فيما يخص المسكن الآمن! إذن:

- لدينا مشكلة ديون قائمة للصندوق العقاري غير مسددة، ولا يبدو أن هناك إمكانية لتسديدها، خصوصا مع توجه الدولة لإعفاء المتوفين منهم، وهو ما ساعد بشكل غير مباشر على تفاقم مشكلة عدم التسديد، بل إن كثيرا من الحالات التي كانت تسدد توقفت بعد تلك المبادرة، وإن كانت مبادرة نبيلة في مغزاها! وبلغت الديون القائمة للصندوق في نهاية عام 2008، 75.4 مليار ريال وذلك حسب الإحصائيات المتوافرة.

- لدينا مشكلة عدم قدرة الصندوق على تقديم قروض جديدة لمقابلة الطلب (توفير فقط 4 في المائة من إجمالي الطلب القائم)، الذي يفوق 500 ألف طلب قائم والقائمة في ازدياد. ولو كان هناك أمل، فلربما تكون القائمة أكبر من ذلك بأضعاف. ولكن هناك نسبة لا تقدم لأن ليس لديها الأمل في الحصول على تمويل من الصندوق في فترة مقبولة.

-لدينا مشكلة تعاظم رأسمال الصندوق من خلال ضخ مزيد من الأموال لمواجهة الطلبات حيث وصل رأس المال إلى 91 مليار ريال وهو يعتبر رأسمالا مهدرا، والآن هناك 250 مليار إضافية. بالتالي يعتبر مصروفا وليس رأسمالا عاملا بسبب تدني مستويات السداد، رغم عدم إطفاء تلك الديون المتعثرة! ولا يمكن من الناحية الاجتماعية أن يتم إخراج مواطن من مسكنه، حتى النظام السياسي لن يسمح بهكذا توجه! إذاً ستظل مشكلة عدم السداد، حتى وإن توافرت المبالغ اللازمة لمقابلة الطلبات ما لم يتم إيجاد حل لتلك المشكلة! وفي اعتقادي أن نظام الرهن العقاري لن يحل المشكلة إذا ما أخذنا في الاعتبار الجانبين السياسي والاجتماعي للمملكة، والتفسيرات الشرعية.

ـــــ لذا، علينا أن نُوجد توازنا واضحا في حل تلك المشكلة بما يحقق التوجهات السياسية العليا والنموذج الاقتصادي ويأخذ في الاعتبار البعد الاجتماعي للمشكلة وحلها.

وفوق كل ذلك، فإن الوضع الحالي رغم تعقيداته وتداخله، يعتبر فرصة حقيقية لإعادة هيكلة كل القطاعات ذات العلاقة، مثل قطاع التمويل العقاري، قطاع العقار نفسه، وقطاع البناء والتشييد والمطورين العقارين. وبمعنى أشمل إعادة صياغة منظومة الإسكان في المملكة.

النموذج المالي المقترح لصندوق التنمية العقاري ''البنك العقاري المتخصص'':

مشكلة الديون القائمة

يمكن تحقيق أكثر من هدف في هذا الخصوص من أهداف الدولة. فقد كانت طريقة توزيع الثروة في السبعينيات مثار جدل، وقد تكون إحدى سلبيات طريقة توزيعها حاضرة إلى اليوم في ثقافة المجتمع بشكل عام! لقد تكونت ثقافة لم تكن موجودة في تفكير المجتمع السعودي بشكل عام، حيث قتلت ثقافة العمل وكرست ثقافة الكسل والاعتماد على ''أموال ناضبة'' من قبل الحكومة.

بداية يجب أن يكون هناك قرار إداري بإعادة هيكلة الصندوق لتوافق تحديات المرحلة المقبلة عبر تحويل جذري للهيكل المالي والإداري والقانوني للصندوق. وملخص هذه الفكرة أن يتم التخطيط لتحويل الصندوق من ملكية الدولة إلى ''بنك عقاري متخصص''. وبغرض تبسيط الفكرة سنستعين بالأرقام، وهي مجرد أرقام للاسترشاد وإن كانت واقعية ويمكن أن تكون أرقاما حقيقية:

على افتراض:

- عدد المقترضين القائم: 500 ألف مقترض منذ تأسيس الصندوق.

- رأسمال الصندوق المستهدف 150 مليار ريال (300 ألف ريال ''قيمة القسط العقاري'' X 500 ألف مقترض).

الآلية المقترحة للخروج من قضية الديون القائمة للصندوق:

أعلم أن الصندوق قام في السنوات الأخيرة بعدد من الخطوات الجيدة في سبيل زيادة معدلات التحصيل ووضع ضوابط حديثة للقروض الجديدة.

وإن كانت هذه الضوابط في نظري لا تزال قاصرة وفي حاجة إلى إعادة نظر، لكن هذا فقط في حالة كون القرار السياسي يريد الإبقاء على وضع الصندوق كما هو اليوم دون تغيير جوهري! وسنتطرق لهذه الضوابط في الختام لطريقة تحسين الوضع القائم وليس لمعالجة المشكلة، التي أرى أنها لن تحقق الأهداف إلا من خلال ثورة في التفكير ومنهجية جديدة في المعالجة.

المرحلة الأولى: تحويل القروض القائمة إلى رأس مال للصندوق:

تحويل القرض العقاري لكل مواطن مقترض إلى أسهم تمثل نسبة 50 في المائة من قيمة القرض القائم على المواطن. أي أن مبلغ 300 ألف ريال قيمة القرض يحول إلى جزءين. الأول وهو 150 ألف ريال تحول إلى أسهم بقيمة عشرة ريالات للسهم الواحد.

أي 15 ألف سهم لكل مقترض. والجزء الثاني من القرض يسدد بحد أقصي ستة أشهر من تاريخ إقرار الآلية لمن يوافق من المواطنين. مما يعني أن يسدد المواطن 150 ألف ريال من أصل 300 ألف ريال ويحصل مقابلها على 15 ألف سهم ملكية في الصندوق التنمية العقاري. وهذا عرض مغر للمواطن في تحصيل الديون القائمة.

وبناء على أعداد العملاء الممنوحين قروضا منذ بداية عمل الصندوق الذي يفوق 500 ألف عميل، فإن هناك 7.5 مليار سهم يمكن أن يتم إصدارها للعملاء كأسهم بقيمة 75 مليار ريال، مع الالتزام بدفع عائد على تلك الأسهم المصدرة بعد مرور خمس سنوات يبلغ 100 في المائة في حالة سداد الجزء المتبقي نقداً أو بيع الأسهم (مما يعني عدم قابلية تلك الأسهم للبيع قبل مرور خمسة أعوام).

وبالتالي يمكن اعتبار أن مبلغ 75 مليار ريال ديونا غير مسددة قد سددت من قبل العملاء الممنوحين قروضا عقارية (نقدا) وهي الجزء الذي يمثل 50 في المائة من قيمة القرض العقاري (150 ألف ريال)، حيث يمكن اعتبارها علاوة إصدار يتم رسملتها أو تحويلها إلى رأس المال كمحصلة نقدية (أو أي جزء أقل).

وعموماً قد يتم اعتماد هذه الدالة كوسيلة استرشادية عامة:

W=Y

Y=E+C

E=0.5(Y)

C=0.5(Y)

W: Capital of the real estate bank.

Y: Remaining balance of the real estate loan.

E: Equity in the new real estate bank.

C: Cash paid up by borrowers

وبذلك، يتوافر للصندوق رأس مال 150 مليار ريال (هناك افتراضات بهدف التبسيط). وفي الوقت نفسه يتم تحقيق معادلة صعبة هي تسديد الديون القائمة دون أن يكون فيها ضغط على المواطن (تحقق هدف سياسي واجتماعي واقتصادي)، وفي الوقت نفسه أصبحت كل أسرة سعودية تقريبا تملك في صندوق التنمية العقارية من خلال اكتتاب خاص. هذا دفترياً لحل المشكلة القائمة.

وفي الجزء الثاني من حل المشكلة سيكون صندوق التنمية العقارية أكثر جاذبية للمستثمرين خلال خمسة أعوام. وحيث إنه فعلاً تم إصدار نحو 7.5 مليار سهم مقابل ديون (لا يوجد نقد مقابلها)، ولكن يوجد 75 مليار أخرى نتيجة لسداد ديون سابقة لا توجد فرص كبيرة في تحصليها حتى وإن كانت مرهونة باسم الصندوق حسب هيكله الحالي، بينما يبقى توفير غطاء لمبلغ 75 مليار ريال المصدرة كأسهم مقابل دين!

المرحلة الثانية: السنوات الـ 5 التالية للاكتتاب الخاص:

وحتى يكون هناك إقبال على أسهم البنك الجديد من قبل المستثمرين عند بلوغ المرحلة الثالثة وهي الطرح العام للصندوق (50 في المائة من رأس المال) بعد الطرح الخاص للمقترضين منه، علينا أن نوجد جدوى واضحة لهؤلاء المستثمرين: وعليه فإن البنك سيعمل من خلال النموذج المالي المرفق:

تطوير الآلية منح التمويل على مستوى المملكة فيما يخص التمويل العقاري:

الآلية المقترحة تتمثل في أن صندوق التنمية العقارية يُحول إلى بنك عقاري متخصص يقوم بمنح التمويل بشكل مباشر وغير مباشر. بشكل مباشر من خلال منح شريحة محددة من المواطنين الذين قد لا يتوافر لديهم الحد الأدنى من الإمكانات ولا الشروط التي يتطلبها سوق التمويل التجاري، على أن تكون تلك الشريحة مقننة بشكل واضح. وعلى أن يوضع حد أعلى كنسبة من إجمالي التمويل لتلك الشريحة ولنقل 10 في المائة من محفظة الصندوق.

وبشكل غير مباشر التي تمثل 90 في المائة من تمويل الصندوق من خلال ربط التمويل مع بنوك وشركات التمويل العقاري، حيث يساعد الصندوق على إعطاء الضمانات الكافية لتلك البنوك والشركات حتى تستطيع التمويل بدورها بشكل مباشر للأفراد. ويكون دور الصندوق على النحو التالي:

1- يتم منح الأراضي البيضاء للمطورين فقط الذين يعتمدهم البنك العقاري (صندوق التنمية العقارية سابقاً)، من خلال تصنيف علمي ومنهجي لهؤلاء المطورين بالتعاون مع الهيئة العامة للإسكان (تعاني من عدم القدرة على القيام بما يجب أن تقوم به بسبب ضخامة التحدي)، وكذلك إيجاد تصنيف علمي للعقاريين يكون ملزما. وهذا يساعد على تحقيق إيرادات ضخمة للصندوق.

كما يساعد ذلك على تنظيم أهم قطاع في المملكة وأكبرها وهو القطاع العقاري الذي يعاني من عدم وجود التنظيم لخلق نوعيات محددة من الإسكان تناسب شرائح المجتمع، فكرة بناء مجمعات سكنية وتدريجيا التخلص من البناء الفردي.

2 - تقوم كل من المصارف أو شركات التمويل العقارية بتمويل الرهن العقاري للأفراد، ويتحمل البنك العقاري جزءا من قيمة تكلفة التمويل التي سيحددها سعر الفائدة على التمويل العقاري لمساعدة المواطنين على أن تكون تكلفة التمويل معقولة. ويكون هناك معايير واضحة لضبط تلك العلاقة ما بين البنك العقاري وجهات التمويل الخاصة.

3 - يعطي الصندوق ضمان التمويل من خلال الرهن المباشر للعقار بدلاً من أن يرهن المصرف أو الشركة العقارية الأصول. الأمر الذي سيساعد الجانب القضائي على التعامل مع موضوع إخلاء المنازل في حالة التعثر. وهو موضوع حساس اجتماعيا وسياسياً.

4 - يتم الربط ما بين الصندوق والمصارف وشركات التمويل عن طريق الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية ''سمة'' بهدف تحقيق ما يلي:

- الوقوف على الملاءة المالية لطالبي التمويل لتحديد نوعية السكن والتكلفة التي تناسب كل مواطن وقدراته المالية، وتكون هناك معايير واضحة لمعدلات المخاطر التي يمكن أخذها في قضية التمويل، لتلافي ما حدث خلال الأزمة المالية في السوق الأمريكي.

حيث يمنع نقل المخاطر من طرف إلى آخر لتحقيق الأرباح على حساب الاقتصاد ككل كما كان يعتقد. مراقبة المشتقات المالية التي يمكن أن تتطور في هذا الخصوص!

- ضبط العلاقة ما بين الأفراد وجهات التمويل بما فيها البنك العقاري من خلال آلية تبادل المعلومات الائتمانية الفردية والتجارية.

- تطوير سجل الرهونات العقارية Mortgage Register.

- تطوير سجل الضمانات Collateral Register.

- إعطاء تصنيفات Rating للعقارين والمطورين وشركات التمويل مبنية على أسس محلية بالتعاون مع إحدى شركات التصنيف العالمية.

5 - تطوير آليات تتلاءم مع البيئة المحلية لمساعدة المتعثرين في السداد بما يحد من حالات طلب إخلاء العقار في حالات التعثر. من خلال إيجاد شركة للتحصيل والاستشارات المالية يكون لها فروع متعددة على مستوى المملكة، أو أن تكون فروع صندوق التنمية العقارية الحالية تقدم تلك الخدمة بعد تأهيلها لمساعدة المواطن على برمجة الدفعات والالتزامات المالية وتطوير الإدارة المالية للأفراد.

ويتم تحصيل رسوم على تلك الخدمة عند تحصيل المبالغ من قبل الجهات المانحة للتمويل بدلا من المواطن.

وهي طريقة معمول بها في ماليزيا اليوم من خلال شركة يملكها البنك المركزي الماليزي. ولتلافي قضية إخلاء المواطن من مسكنة بسبب تعثره عن السداد.

بهذا الشكل يصبح للبنك العقاري المقترح دور محدد يختلف عن دور صندوق التنمية العقارية اليوم، وكذلك يكون له مصادر دخل محددة، يصبح بعدها البنك العقاري المقترح كنموذج مالي جاذب للمستثمرين للطرح العام بعلاوة إصدار محددة تضع في الاعتبار التدفقات المالية المستقبلية على أسس دراسة العائد على الاستثمار ROI.

المرحلة الثالثة: الاكتتاب العام

هنا تبدأ المرحلة الثالثة (بعد مرور خمسة أعوام على المرحلة الأولى)، وهي طرح صندوق التنمية العقارية للاكتتاب العام على أساس أنه ''بنك عقاري متخصص'' برأسمال يفوق 150 مليار ريال يعمل كضامن للقطاع الخاص الممول للرهون العقارية السكنية والتجارية (غير المسجلين في الاكتتاب الخاص)، إضافة إلى منح قروض مباشرة لشريحة محددة من العملاء بسعر عمولات متدنية تتناسب مع تلك الشرائح.

على أن يكون السهم المطروح للاستثمار بعلاوة إصدار بسعر 20 ريالا للسهم (ضعف القيمة الاسمية)، وبطرح 50 في المائة من رأسمال الصندوق فقط، تلك الأسهم الموجودة لدى المقترضين إذا ما رغبوا في البيع، أو سداد المبلغ عشرة ريالات للسهم نقدا كقيمة للأسهم التي يمتلكونها إذا ما رغبوا في البقاء ملاكا بعد مرور خمسة أعوام (مرحلة الحصول على 75 مليار ريال كحد أدنى نقد). والمتوقع أن يبيع الغالبية بسبب الرغبة في الحصول على علاوة إصدار السهم وهي تمثل 100 في المائة، مما يعني أن كل مواطن حصل على 300 ألف ريال نقداً. وبذلك، تم تحويل القرض بالكامل للمواطن رغم أنه سدد القرض. ويمكن أن تحدد نسبة محددة من نسبة 50 في المائة لمستثمرين استراتيجيين، إضافة إلى المعرفة الفنية والتنقية للبنك العقاري المتخصص.

رابعاً: مميزات المقترح بشكله العام:

- الخروج من المأزق الحالي الذي يعيشه الاقتصاد السعودي في جانب التمويل العقاري.

- الخروج من مشكلة أن التجارب الدولية قد لا تكون صالحة اجتماعيا وسياسيا وحتى اقتصاديا، بما في ذلك نظام الرهن العقاري المقترح، الذي يصعب إن لم يستحل تطبيقه بسبب العوامل الداخلية.

- توفير مصادر للدخل للصندوق أكثر حرفية ولا تكون على حساب المواطن، لكن من خلال التعامل مع جهات التمويل الخاصة وتنظيم طرق منح الأراضي البور في المملكة.

- خلق نظام متكامل لعملية بناء المساكن وتمويلها عبر ربط جهات التمويل الخاصة والتطوير العقاري وتوفير عروض للمواطن تتلاءم مع القدرات المالية لكل واحد. عبر إيجاد رابط بين تلك الجهات من خلال البنك العقاري المتخصص Hub.

- تفعيل دور السوق الثانوي وسوق السندات والصكوك من خلال الشركات الاستثمارية والتسنيد المالي لشركات التمويل الخاصة لمساعدتها على التمويل.

- التركيز منذ البداية على توفير التمويل السكني بما يناسب قدرات كل مواطن وعدم انتظار الوصول إلى مراحل التعثر وإيجاد الحلول للخروج من الأزمة، إضافة إلى منع وقوع المشكلات عبر منهجية التمويل.

- خلق فرصة استثمارية ضخمة للمواطن والمملكة عبر هذا البنك العقاري العملاق، بنموذج مالي وإداري يتناسب مع الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية المحلية، وبما يخدم أهداف التنمية وكذلك أغراض الرقابة والإشراف التي تتميز بها المملكة.

- مساعدة وزارة الإسكان (الهيئة العامة للإسكان سابقاً) في تنظيم قطاع العقار والمطورين والمساكن ووضع معايير الإسكان.

- الوصول إلى صيغة مستدامة لمنظومة الإسكان والتمويل العقاري بشكل خاص تعتمد على قوى السوق والفلسفة الاقتصادية للمملكة.

- وفي الختام أعتقد أن هذا المقترح سيعتبر مخرجا علميا ومنهجيا لمتخذ القرار في المملكة لإقفال قضية سداد الرهونات العقارية على المنازل منذ السبعينيات الميلادية، حيث يتم التعامل معها على أنها منحة للمواطن عبر تحويل تلك الديون إلى ملكية ورأسمال، وفي الوقت نفسه خروج من عنق الزجاجة في الطريق الطويل لتطوير منظومة متكاملة للإسكان في المملكة، آخذين في الاعتبار جميع الحقائق الواقعية اليوم والرؤية المستقبلية دون أن يكون هناك قرارات صعبة وغير مرحب بها. والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي