بيتك.. قسطك!

الإخوة الأثرياء، عذراً، لا تجهدوا ذواتكم في إكمال المقال.. فلا التفاصيل ولا المضمون.. لكم!
الحديث هنا عن القسط.. اللاعب الأهم في حياة إنسان الساعة السعودي، وشريك عمره! وأقول شريك لأنه ليس ضيفا لمرحلة محددة كما قد يسوّق البعض من مروّجي التفاؤل الشفهي! ولنراجع معاً الأسباب:
الزواج يبدأ بسلفة بنكية تسدد بـ (قسط)، السيارة تشترى بالـ (قسط)، الأثاث.. بالـ (قسط)، الأولاد، لاحقاً، ينضمون لمدارس تمنح تعليماً بالـ (قسط)، التقديم على السائق والخادمة غالباً ما يتم بسلفة نسددها بـ (قسط)، تكبر الأسرة.. فنهجر الشقق ونشتري بيوتاً بالـ (قسط)... وهكذا!
كيف تستمر حلقة القسط.. وكيف يتسرمد حصارها لنا:
مثلاً: السيارة تتهالك، والشكر لمقاولي الطرق والشوارع أولا، بعد سنوات قليلة.. فنضطر لشراء أخرى بالـ (قسط)، الأثاث كذلك، الخادمة تغادر، السائق يسافر، البيت يتقادم ويحتاج إلى ترميم... وهكذا!
معطيات الحياة الحديثة أقحمت هي الأخرى مفاهيم جديدة للقسط! ففاتورة الهاتف النقال، اشتراك الإنترنت، راتب الخادمة، راتب السائق، ''لستة'' محل البقالة إلخ! كل هذه العناصر، وغيرها الكثير، لم تعد (مصروفات) كما كانت في السابق، بل هي ثوابت يمكن التنبؤ بقيمتها المادية، وبالتالي هي أقساط.. والواحد منها (قسط)!
أستطيع أن أؤكد، أن المراقب للسوق السعودية لن يطول انتظاره حتى يدرك أن اقتصاد المجتمع قائم على القسط! والدليل أن بعض الإلكترونيات التي لا يتجاوز سعرها النقدي ثلاثمائة ريال، مثلا، معروضة على لائحة التقسيط!! وهنا علينا أن ندرك أن التاجر مستوعب لحجم الألفة بين المواطن والـ (قسط)، وعليه.. أصبح كل شيء، تقريباً، بالتقسيط!!! ومن هنا، لنا جميعاً أن نتساءل: ما الذي يمكن أن يحدث للبيت السعودي لو لم يكن هناك (قسط)؟ وما الذي قد يحدث لو اهتز الائتمان في الاقتصاد السعودي؟ وأترك لكم حرية التساؤل بدوركم! وأريد من الأكبر سناً، فضلاً، أن يعودوا لبداية الإطلالة في نهايات ثمانينيات ومطلع تسعينيات القرن المنصرم، عندما عرفنا التقسيط بشكله المنظم من خلال شركات السيارات، قبل أن تغار البنوك، وتبدأ بتوفير أنظمة مصرفية تسهل لها التنقيب في جيب الموظف عبر نظام الإقراض! مذ ذاك.. وحتى اليوم، تطور النمو الوجودي للـ (قسط) مع الناس بشكل أصل لقبوله كشريك له الفضل والمنّة في القبول بنا!
وإن كنا سنتفق على أن الـ(قسط) يستفرد بالمشهد الاجتماعي السعودي كلاعب لدور البطولة، فهذا دليل دامغ على أن كاتب الرواية بجميع تفاصيلها.. هو أديب عبقري اسمه (الراتب)!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي