كيف نعلّم أجيالنا فن القيادة الاجتماعية والإدارية؟

عندما ذهب المبتعثون الأوائل للدراسة في الخارج خلال السبعينيات والثمانينيات الميلادية، كان هناك الكثير من الإخوة العرب مُعجبا بمقدرة ''بعض'' الشباب السعودي في الإدارة واتخاذ القرار وبنشاطاتهم الاجتماعية!
أثبتت الدراسات أن 1 في المائة فقط من الناس من لديهم قدرة فطرية في الإدارة وهناك 98 في المائة يتعلمون فن الإدارة بالاكتساب، أما النسبة الباقية 1 في المائة فهؤلاء ليس لديهم المقدرة على الاكتساب. أما بخصوص أفضل عمر لتعلم القيادة فيوصي الكثير من المدربين على أن الأطفال في سن 2-6 هم الأفضل في اكتساب فن القيادة وبناء شخصية مميزة. وقد تميز المصطفى محمد - صلى الله عليه وسلم - بمقدرته القيادية منذ عمر ست سنوات، حيث كان ينافس على الجلوس في مجلس جده عبد المطلب بن هاشم سيد قبيلة قريش، الذي يعد في وقته الحاكم الفعلي لمكة المكرمة، حيث هو الذي فاوض أبرهة الحبشي، لذا حاول أعمامه أن يبعدوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الجلوس في ذلك المجلس الذي يستقبل جده فيه ضيوف مكة المكرمة من الداخل والخارج، لكن عبد المطلب غضب على أبنائه في منعهم جلوس المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في صدر مجلسه، حيث قال لهم: اتركوه ولا تمنعوه فهذا سيد وسيكون له شأن. فمحور تلك القصة أن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - كان لديه مقدرة قيادية فطرية، وفي الوقت نفسه قام جده عبد المطلب بتشجيعه على تطويرها وعدم كبتها.
السؤال الذي أضعه أمام كل أب أو أم أو مسؤول تربوي أو مدير: كيف ومتى ندرب أجيالنا على تطوير مقدرتهم القيادية؟
بادئ ذي بدء يجب أن يكون هدف المربي أو المدرس أن يكون أبناؤهم أو طلابهم أفضل منهم! وهذا لا يتحقق إلا عندما نحاول أن تدرس أجيالنا كيف يستخدمون تفكيرهم في حل الأزمات التي تواجههم؟ فعلى سبيل المثال عندما تذهب إلى السوق مع أحد أطفالك حاول أن تخبره لماذا ذهبت لتلك السوق (سعر مناسب، توفر السلع... إلخ) وما ستتبضعون، فهنا يتعلم الطفل أن هناك هدفا من الذهاب لتلك السوق وعدم الذهاب لغيرها، لا أن يكون هدفه الوحيد من الذهاب مع والده أن يحصل على حلوى أو آيس كريم، وحاول كذلك أن تخبره عن تكلفة المواد، وأن يقوم بإعطاء المبلغ للمحاسب، وبعد فترة وجيزة قد ترسله بمفرده ليقوم بشراء حاجيات المنزل، فبهذا الأسلوب نستطيع أن نعوّد الطفل على تحمل المسؤولية.
أما على المستوى التعليمي، الذي يعد من أهم المجالات لتطوير المهارات الإدارية والإبداعية، فهنالك نوعان من المربين أو المعلمين، فبعضهم من يدرس لطلابه على الطريقة الفرعونية: (ما أريكم إلا ما أرى) ولا يرضى بالنقد أو التحوير أو عرض رأي آخر! فهذا النوع، وللأسف، موجود حتى على مستوى أساتذة الجامعات، حيث تجد بعض الأساتذة لا يتورع من تعنيف الطالب إذا جاء له بمعلومة جديدة لا يعرفها أستاذه. وعلى النقيض من ذلك هناك نوع آخر من المدرسين من يقوم بمكافأة أي طالب يأتي بمعلومة جديدة أو حل آخر لمسألة رياضية، وبعضهم يكلف الطلاب القيام ببحث مسائل معينة، وآخر يكلف طلابه بالقيام بإلقاء محاضرات أمام الطلاب.
أما على المستوى الإداري فخير طريقة لتطوير مهارات الموظفين الإدارية هي إعطاؤهم الثقة وحرية التفكير وتنمية روح الشراكة، وألا تكون هناك حواجز في إبداء الرأي، وقد تجد بعض المديرين قبل أن يتخذ قرارا حول مشروع معين يقوم بعقد لقاءات سريعة استشارية مع بعض موظفيه لأخذ آرائهم حول الجدوى الاقتصادية وكيفية التطوير والإبداع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي