مصلحة الإحصاءات و«المخرج عاوز كده»!!
قبل أيام، كشفت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات عن تقريرها الدوري الخاص بالرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة لشهر أكتوبر من هذا العام، حيث أظهر التقرير ارتفاع تكاليف المعيشة في المملكة على أساس سنوي بنسبة 3,5 في المائة، بينما نجد أن التقارير السابقة للرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة في المملكة، الصادرة من مصلحة الإحصاءات العامة قبل شهور قليلة كانت تشير إلى نسب ارتفاع سنوية تزيد على ذلك! إذن ماذا حدث؟ وهل نستطيع القول إن ارتفاع تكاليف المعيشة في المملكة تباطأ نموها فعلاً؟
لتفسير ما حدث، قامت مصلحة الإحصاءات العامة قبل شهرين بتعديل سنة الأساس من 1999م إلى 2007م وقامت أيضاً بتعديل المجموعات الرئيسة المكونة للرقم القياسي تحت ما يسمّى "الخطة التنفيذية لتطوير كيفية احتساب الأرقام القياسية لتكلفة المعيشة" دون الإعلان عن ذلك بشكل رسمي بعد اعتماد هذه التعديلات ودون فتح المجال لأخذ آراء ومرئيات المتخصّصين قبل ذلك، وهو بالتأكيد تصرٌّف غير مقبول يضع أكثر من علامة استفهام حول مفهوم التطوير الذي تتبعه المصلحة، آخذين في الحسبان أن آلية احتساب الرقم القياسي دائماً ما تتعرض للانتقاد وبشكل متواصل من قِبل الإخوة الاقتصاديين والمحللين، خصوصاً في الأعوام الأخيرة.
ما يثير الاستغراب حقيقة هو أن مصلحة الإحصاءات العامة اختارت عام 2007م تحديداً كسنة أساس، وهي كما نعلم جميعاً سنة شهدت أوجاً عالمياً في ارتفاع أسعار السلع قبل أن يقع الانهيار الكبير للأسعار عام 2008م، كما أنها قامت بزيادة المجموعات الرئيسة للتقرير من 8 إلى 12 مجموعة من خلال تقسيم بعض المجموعات السابقة إلى مجموعات مستقلة (على سبيل المثال مجموعة النقل والاتصالات إلى مجموعة للنقل ومجموعة أخرى للاتصالات)، اللافت أنها لم تقم بتقسيم مجموعات أكثر أهمية وتأثيراً على ارتفاع التكاليف بالمملكة في الأعوام الأخيرة، مثل مجموعة السكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود التي بقيت على حالها ضمن مجموعة واحدة في تصرف غير مفهوم!!
الأكثر غرابة من كل ذلك أن آخر تقرير صادر للرقم القياسي في شهر سبتمبر (قبل التعديلات الأخيرة)، أشار إلى أن مجموعة الترميم والإيجار والوقود والمياه ارتفعت سنوياً بنسبة 7,4 في المائة بينما أشار التقرير (بعد التعديلات) إلى أن نسبة الارتفاع السنوي لهذه المجموعة هي 2,5 في المائة فقط!! كما أشار تقرير شهر سبتمبر (قبل التعديلات) إلى أن مجموعة النقل والاتصالات ارتفعت سنوياً بنسبة 1,8 في المائة، بينما أشار التقرير (بعد التعديلات) إلى أن نسبة الارتفاع السنوي لمجموعة النقل 5,9 في المائة ولمجموعة الاتصالات عند نقطة الصفر تقريباً!