هل تحتاج «الخطوط» إلى بطل؟
قاد الفريق أول نورمان شوارزكوف حرب تحرير الكويت في كانون الثاني (يناير) من عام 1991 في معركة سطرت التاريخ الحديث للحروب الحديثة المعتمدة على الإدارة والتقنية. بعد تقاعد الفريق شوارزكوف كتب مذكراته التي سماها (لا يحتاج الأمر إلى بطل)، وهو عنوان متواضع لشخصية رائدة، لكنه أراد به قول الحقائق أمام الرأي العام. تذكرت هذا العنوان وأنا أشاهد تسجيلا لحلقة عرضتها فضائية عن حال ''الخطوط السعودية''، وهي كأغلبية الحوارات التي قدمتها كثير من الفضائيات بعيدة عن تشخيص أساسيات مشكلة ''الخطوط السعودية'' وبعيدة أيضا عن استعراض الحلول الحقيقية لها. يعود السبب، في رأيي، إلى تدني علاقة الإعلام الأصيل من صحافة وتلفزيون بناقلنا الوطني، إلى تجنب المتخصصين في صناعة النقل الجوي في المملكة، وهم كثر، المشاركة وعرض الحقائق الرئيسة التي أدت إلى تردي صناعة النقل الجوي في المملكة وما ينتج عنه من هدر مالي مباشر وغير مباشر وضياع فرص وظيفية ضخمة لأبنائنا وبناتنا نتيجة جمود هذه الصناعة وتأخرها. في عالم صناعة النقل الجوي اليوم لا تحتاج الناقلات الجوية إلى بطل لتصحيح أوضاعها وتحويلها إلى ما يعرف بالخطوط الكفؤة، فمنهجيات إدارة الناقلات الجوية أصبحت متاحة. ليس هذا فحسب، بل إن تفاصيل الإدارة القيمية للناقلات الجوية متاحة مثل التكلفة المتوسطة للسعة التشغيلية للأنواع المختلفة من الطائرات. فلو نشرت ''الخطوط السعودية'' أرقامها مثلا عن التكلفة التشغيلية لطائرات بوينج 777 وقارنتها بما هي عليه الناقلات العالمية الكفؤة والرابحة مثل ''طيران الإمارات'' و''الخطوط السنغافورية'' لأشارت تلك الأرقام نحو مكامن الخلل أو الممارسات الخاطئة. كما أن منهجيات الإدارة القيمية تتيح التعرف على متوسط العوائد المالية من مبيعات التذاكر والعوائد الثانوية نسبة إلى ساعات التشغيل، ولو تدنت هذه النسبة عن الأرقام المعروفة في الصناعة لأشارت إلى مكامن الخلل في تلك الناقلة. ''الخطوط السعودية'' لا تزال تعاني مشكلات كبرى منها ما هي قابلة للنشر ومنها غير ذلك، من تلك المشكلات الترهل الضخم في كادرها البشري، إضافة إلى تدني جودته وإنتاجيته. الخطوط الكفؤة التي لديها عدد طائرات ''الخطوط'' نفسه اليوم لديها ثلث الكادر البشري، ولهذا تشتهر ''الخطوط السعودية'' بارتفاع تكلفتها التشغيلية مقارنة بعوائدها المالية رغم أنها تتلقى وقودا مجانيا، أي أنه مسقط عنها أيضا نسبة معتبرة من التكلفة التشغيلية. باختصار، لا يحتاج الأمر إلى بطل.