قال نصف الحقيقة وأخفى الآخر متعمدا

تميزت مقابلة مدير عام ''الخطوط السعودية'' في برنامج ''صاحب قرار'' بالثراء المعلوماتي عن حالة ''الخطوط السعودية'' اليوم. هناك كثير من الملاحظات على المقابلة، لكن أهمها تعمد مدير ''الخطوط السعودية'' إغفال جزء مهم في المنظومة التشغيلة الشاملة لـ ''الخطوط'' المتمثلة في الدعم الحكومي المباشر وغير المباشر، خاصة الوقود المدعوم. في علم المحاماة، من يقول جزءا من الحقيقة ويخفي بعضها يعد ذلك خدعة، وفي الأدبيات الأخرى يقال (نصف المعرفة أخطر من الجهل). عندما سأل مقدم البرنامج مدير ''الخطوط'' عن الوقود المدعوم تحاشى الأخير وببراعة هذا السؤال، وانتقل بخفة وذكاء إلى مواضيع أخرى. الوقود يمثل اليوم أكثر من ثلث التكلفة التشغيلية للخطوط الجوية في العالم، وهو يقدم لـ ''الخطوط السعودية'' بسعر رمزي. تعرفة وقود الطائرات للخطوط لم تعد سرا كذي قبل، فعهد خادم الحرمين الشريفين - أيده الله بنصره - تميز أيضا بالشفافية، لهذا على ''الخطوط'' أن تنشر أرقامها المالية والتشغيلية التي تخفيها. ''الخطوط السعودية'' منذ 20 عاما، وقبل إدارة المهندس خالد الملحم (أي الحرس القديم الباقي حتى يومنا هذا) أوجدت شماعة التذاكر الداخلية كي تعلق عليها فشلها في بناء ناقلة جوية تليق بمكانة المملكة. أنا شخصيا أعتقد أن مدير ''الخطوط السعودية'' تمت هزيمته أو احتواؤه من قبل الحرس القديم وأصبح مجبرا على لبس قناع التذاكر الداخلية، وإلا لتوقف لدقيقة أو دقيقتين وتحدث بلغة الأرقام - التي أجادها في المقابلة – عن الوقود المجاني وعلاقته بالتعرفة الحالية لتذاكر الرحلات الداخلية. أنا متأكد أن لديه معرفة بعد السنوات الطويلة في هذه الصناعة بعرض أرقام تكلفة ساعة الطيران لطائرة الرحلات الداخلية (A320) بوقود مجاني وإسقاط هذه التكلفة على السعر العادل للتذكرة. تستطيع الدولة اليوم، ومن ضمن مبادرات الإصلاح الإداري العديدة، فصل ''الخطوط السعودية'' إلى ناقلة داخلية مدعومة وأخرى دولية حرة العمل التجاري. هذا الاقتراح يخافه الحرس القديم لأنه عندما ينفذ سيكشف عجزهم عن إيجاد ناقلة دولية فاعلة ورابحة وكبيرة الحجم مثل ''طيران الإمارات'' أو ''الاتحاد للطيران''. لن تتقدم ''الخطوط السعودية'' طالما بقي نفوذ الحرس القديم وتوريثه ممارسات عمل بالية عفّي عليها الزمان. المواطن اليوم يتعايش مع الخطوط الأخرى ويلمس جودتها وأسعارها، ولهذا فإن قناع شماعة الرحلات الداخلية لم يعد يخدعه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي