هل حققت السعودية التنويع بعيداً عن النفط؟

منذ أوائل الثمانينيات، يُستخدَم التنويع لوصف الابتعاد عن الاعتماد عن النفط. لننظر إلى البيانات التي تعطي حصة النفط من حيث إيرادات التصدير ومن حيث الإيرادات الحكومية للمالية العامة. تشكل إيرادات النفط 80 في المائة من إيرادات التصدير، ومن بين نسبة 20 في المائة الباقية، هناك 80 في المائة منها تستند إلى منتجات، مثل البتروكيماويات والبلاستيك، المشتقة من النفط، باستخدام الغاز الرخيص. فضلاً عن ذلك، 90 في المائة من إيرادات الميزانية الحكومية تأتي من النفط.
تؤثر التطورات في سوق النفط تأثيراً مباشراً في الاقتصاد السعودي من خلال الإنفاق الحكومي، إلى جانب نفسية المستهلكين، وتفاؤل الأعمال، والاستثمارات الأجنبية.
تخيل ماذا يمكن أن يحدث لو أن سعر النفط هبط من السعر الحالي البالغ 107 دولارات لخام برنت، ليصل إلى 70 دولاراً للبرميل. هل ستظل الثقة على حالها؟ وهل سيكون أداء سوق الأسهم جيداً إذا تراجعت أسعار النفط؟ وهل سيستمر المستهلكون في الإنفاق مثلما يفعلون الآن؟
الجواب السريع هو أن كل الأشياء ستتأثر من مجرد سعر النفط. كلما ازداد اعتماد اقتصاد معين على النفط، ازدادت صعوبة التقدم. يستطيع البعض المجادلة بأن نسبة القطاع غير النفطي من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي تبلغ 57 في المائة من اقتصاد السعودية. وهذا صحيح، لكن هذه الطريقة التبسيطية في التفكير تشتمل على عنصرين من الخلل. الأول هو أن الناتج المحلي الإجمالي الاسمي هو الذي يشكل المساهمة الواقعية للنفط في الاقتصاد، وفي عام 2012 كان يشكل 47 في المائة من إجمالي الناتج. من دون هذا المال البالغ 1.242 تريليون ريال، والمحصل من جانب الهيدروكربونات في الاقتصاد، فإن السعودية ستتوقف.
الخلل الثاني هو أنه حين يستخدم الناس حجم القطاع الخاص "الفعلي" لبيان مستوى التنويع، فإن هذا يعطي فكرة غير صحيحة ومضللة عن الأمور. فلو أننا استخدمنا سنة أخرى للأساس غير عام 1999، حين كانت أسعار النفط متدنية، عندها ستزداد مساهمة النفط.
في الوقت الحاضر يشكل القطاع الخاص من الناتج المحلي الإجمالي "الحقيقي" 57 في المائة من الاقتصاد، ويشكل النفط نسبة 21 في المائة فقط. هذا التباين في الأرقام مضلل لأننا نعلم من التحليل الوارد أعلاه أن النفط هو روح الحياة من حيث إيرادات الصادرات وإجمالي الإيرادات الحكومية.
لاحظ لو أننا قمنا بتغيير سنة الأساس من 1999 وجعلناها 2010 فإن النفط في هذه الحالة سيشكل نسبة 45 في المائة على الأقل، ومن الممكن أن تهبط حصة القطاع الخاص إلى 30 في المائة.
يتوقف الأمر كله على سنة الأساس التي نستخدمها. لو قمنا بحسابات بسيطة، حيث نضيف القيمة المضافة للإنتاج المحلي الإجمالي، وحصة النفط من إيرادات الصادرات والإيرادات الحكومية، فإننا نستطيع أن نأتي بمؤشر. تبدو النرويج أنها أكثر البلاد تنوعاً، حيث إن مؤشر النسبة هو 0.37، والإمارات عند 0.52، والبحرين عند 0.64، وستكون السعودية هي أقلها من حيث التنوع، عند 0.77. رغم ما تظهره الأرقام، فإن السعودية لا تزال تعتمد اعتماداً كبيراً للغاية على النفط، ولا يزال التنويع حلماً.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي