الموارد البشرية!
عندما تقدمت بطلب وظيفة لأول مرة كان ذلك في شركة تعمل في الأوراق المالية بمدينة نيويورك، وكنت آنذاك قليلة الخبرة في أسواق المال، ولا أعرف سوى ما تعلمته في الكتب والمناهج الدراسية. لكني رغم ذلك فرحت لحصولي على موعد للعمل كمساعدة مبتدئة في مكتب مدير الصندوق المالي. يومها ارتديت بدلة غامقة اللون لتضفي انطباعا جاداً، وحفظت بعض المفردات المالية لتعطيني دفعة في مواصلة الحديث بشكل مهني. ولم تصبني أي رهبة أو تخوف من المقابلة، وعندما وصلت لموظفة الاستقبال عرفت بنفسي وموعد اللقاء، وكانت في انتظاري وقادتني لمكتب المدير المسؤول وتمتمت بعبارة Good luck أو حظا سعيدا، لكن شيئا ما دفعني للحيرة في لهجتها. لم تمر بضع دقائق حتى عرفت مقصدها! لم يكن المدير شخصا فظّا فحسب بل كانت كلماته محبطة لأي شخص يتحدث معه لدقائق قليلة، وكأنه يتلذذ بالتعالي واستغباء الآخرين! وعندما تركت المكتب مررت بالموظفة نفسها التي رمقتني بنظرة تعاطف ومودة.
بعد سنوات من هذا اللقاء أصبحت أنا في موقف هذا المدير، ولم أنس قط ذلك اليوم، فلم أعامل أي متقدم باستعلاء أو استخفاف، فكونه باحثا عن عمل يضعه في الحلقة الأضعف (نسبيا)، هذا إضافة إلى ما يمكن أن يعتريه من قلة ثقة أو ظروف نفسية أخرى، وقد تدور العجلة فأصبح بحاجة إليه في يوم من الأيام.
أحد الأقسام التي لا تزال تعاني عجزًا في الأداء والمهنية في مؤسسات المنطقة هو الموارد البشرية، ويعتبر من الأذرع المفصلية لأي منشأة، لكنه مع الأسف يعامل كأرشيف للملفات العلاقي والسير الذاتية البالية. وتتم سَعوَدَة أي منشأة بداية بقسم الموارد البشرية، وكأنه القسم الذي يحتاج إلى أقل قدر من المهارات الوظيفية والمهنية، وأعرف عددا من العاملين به يعانون استخفاف المنشأة بهذا الدور. وفيما يلي بعض السلبيات المنتشرة:
- عدم تفعيل دور قسم الموارد البشرية في تسلم السير الذاتية؛ فتجد أن طالب الوظيفة يبحث عن معارفه في المنشأة لأن "الموارد البشرية لا تملك سلطة التعيين".
- ضعف تواصل قسم الموارد مع الأقسام الأخرى لمعرفة المهارات والوظائف المطلوبة وبالتحديد.
- استخدام أقل الموظفين خبرة ونضجا في هذا المجال، بحيث لا يأخذ العمل بجدية.
- عدم التمكن من الموازنة بين السعودة والجودة في التعيين وضعف البحث عن الكفاءات الموجودة.
- عدم وضوح سلم الرواتب والمكافآت في المنشأة بحيث لا يتمكن المتقدم من المقارنة والمفاضلة الصحيحة بين الوظائف.
هذه مجرد بعض السلبيات، وأنا واثقة بأن من القرّاء الكرام من لديه الكثير من الأمثلة السلبية، وكذلك الإيجابية حول الموضوع، وأتمنى المشاركة بها في «تويتر» بحسابي reem_asaad@.