سيهزم الإرهاب

ما كدت أصدق وأنا خارج من صلاة الجمعة كم الرسائل التي انهالت على جوالي وهي تخبرني بتفجير مسجد "الإمام علي" في بلدة القديح في القطيف، كنت أتساءل -معقول-؟ لا لا "غير ممكن"! من هذا الذي سيفجر مسجدا في يوم جمعة!؟ وحين فتحت بعض المواقع الإخبارية كان الخبر قد تأكد فعلا،
كانت صدمة مؤلمة لي ولكل مواطن عاقل غيور على وطنه يؤلمه أن تسيل الدماء في وطن آمن مستقر يتعايش فيه الناس جنبا إلى جنب مهما كانت الاختلافات وسط بقعة ملتهبة من الأحداث التي تحاصرنا شمالا وجنوبا.
خلال ساعات محدودة من الحدث كان الوطن يتفاعل، والجميع يتألم، ومواقع التواصل الاجتماعي، تنقل أبرز صور التلاحم من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب المشاركين في العزاء، والتشييع، والتواصل، والتبرع بالدم وغيرها من أوجه النبل والأخلاق التي لا يزايد أحد عليها من أبناء هذا الوطن، وكان أمير المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف يزور المصابين ويقبل الرؤوس ويواسي المكلومين في مشهد عفوي لا يمكن اختزاله في كلمات. وفي ساعات أيضا كانت الأجهزة الأمنية في الموعد وجاء بيان "وزارة الداخلية" حاضرا ليكشف هوية المجرم المنفذ وفعلته الخبيثة، ومن كان يشاركه التخطيط والتدبير، ولم نستغرب أن من قتل إخواننا من "الطائفة الشيعية" هم نفسهم من قتلوا أحد أبناء الوطن رجال الأمن "ماجد الغامدي" رحمه الله ويحرقون جثته في مشهد إجرامي موغل في البغي والظلم والسفك.
نختلف مع إخواننا الشيعة مذهبيا وفكريا وهذا أمر ليس بجديد لكن في ظل هذه الدولة القوية الجميع متساوون في الحقوق والواجبات والجميع صف واحد في وجه كل عابث من أي مكان كان وهذا ما جسدته حادثة "قرية الدالوة" سابقا في الأحساء وستكون "حادثة القطيف" هذه شاهدا حقيقيا بأن التلاحم أكبر من كل المحاولات البائسة لإحداث الفتنة والاقتتال الداخلي التي يريدها أعداء الداخل والخارج.
تفجير الآمنين المصلين مُنعطف جديد في تاريخ الإرهاب الأسود في بلادنا، ومرحلة من أخطر المراحل؛ تستهدف استغلال الاختلافات المذهبية، والتنوعات الفكرية، ونسف الوحدة الوطنية وإحراج الدولة، وإظهارها بمظهر الضعف والعجز عن حماية مواطنيها وبالتالي تهيئة الأجواء للتدخلات الخارجية بزعم حماية الأقليات، وغيرها من الأكاذيب التي نخرت دول الجوار متناسين أن الدولة ومواطنيها يد واحدة، يقفون مع دولتهم صفاً واحداً تجاه مخططات الإرهاب الأعمى، ويُشاركونها في دفع أضراره، وتحجيم أثره؛ والجميع يُدركون أنهم مستهدفون مهما كانت مذاهبهم أو وظائفهم أو مواقعهم الاجتماعية
12 عاما تقريبا ومحاولات الجماعات المتطرفة لم تتوقف تفجيرات بائسة، واقتحام مجمعات، واعتداء على وافدين، وقتل رجال الأمن ، ومع ذلك ولله الحمد لم ينجحوا في تحقيق ما يريدون، ولو شاهدنا حجم التفاعل والبحث الميداني الذي كان يقوم به المواطنون وهم يرشدون في البحث عن الإرهابي "نواف العنزي" قبل ثلاثة أسابيع لعرفنا أن اللحمة الوطنية والتفاعل الاجتماعي أقوى من كل محاولات هؤلاء الخونة المجرمين
دمت باسقا شامخا يا وطني بالأمن والرخاء والانتصارات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي