يا وزير الصحة.. عجلة بطالة الأطباء أسرع من تفكيركم بالحلول

قبل عدة أسابيع قامت الهيئة السعودية للتخصصات الصحية "مشكورة" بأهم مبادرة عملية لإيجاد حل سريع للحد من بطالة مخرجات الكليات الصحية وكانت باسم: مؤتمر واقع القوى العاملة السعودية الصحية خلال السنوات العشر المقبلة.
وكانت بحضور خمسة من الوزراء وهم وزراء: "الصحة، الاقتصاد والتخطيط، العمل، التعليم، والخدمة المدنية".
وكان الأمين العام لهيئة التخصصات الصحية، ورئيس الهيئة السعودية للتخصصات الصحية يديران الحوار بكل مهنية.
وكان اجتماعا مثاليا بصدق في كل جوانبه دون استثناء: التحضير والمكان والمحتوى والحضور والمخرجات، حيث إن المشكلات كانت تعرض من أصحابها باختلاف تخصصاتهم، وتوجه الأسئلة مباشرة للوزراء ويجيبون بكل تواضع ومهنية، وبعد انتهاء الاجتماع أوكل الوزراء متابعة الملف لنوابهم، وكان هناك حرص شديد منهم على متابعة الموضوع بشكل دقيق، فلمسنا منهم الحرص والصدق لحل هذا الملف، الذي اعتبروه قنبلة اجتماعية موقوتة لا بد من حلها عاجلا، بعيدا عن كل الإحصاءات والأرقام "المخيفة" لبطالة مخرجات القطاعات الصحية، الذي يعكس خللا في استراتيجية ذلك الملف. وأنا ضد الإطالة في إيجاد حل والأفضل التفكير في حلول "عملية" سريعة، سأحاول ذكر أحدها عله يلامس آذانا صاغية.
المشكلة أن مخرجات الكليات الصحية تفوق حاجة العمل، هذا ما يتم عرضه في كل اجتماع "وهذا غير صحيح" والأصح هو أن مخرجات الكليات الصحية تفوق حاجة العمل في المدن الكبرى، التي تشبعت توطينا للوظائف الصحية. ولله الحمد حتى أصبحت نسبة السعودة في بعض مستشفياتنا الحكومية تفوق 100 في المائة.. وأقصد بكلمة تفوق، أن بعض الأقسام أصبح فيها زيادة على الحاجة بسبب المحسوبيات والوساطات "وهذا المرض كان مستفحلا لأسباب ليس هذا مكان شرحها". ولكن ومع الأسف، أنك لو خرجت 50 كيلومترا خارج هذه المدن الكبرى ستلاحظ أن نسبة السعودة تقل، وهذه النسبة تتناسب عكسيا كلما ابتعدت عن المدن، حتى أن بعض المناطق النائية تشك في أنها في السعودية، حينما تدخل بعض المنشآت الصحية المتعثرة.
إذاً السؤال هو: كيف نجعل من قرانا وهجرنا بيئة جاذبة لمخرجاتنا الصحية؟
الحل باختصار هو الحوافز "وهي موجودة" لكنها ضعيفة ولا بد أن تكون مغرية جدا.
والحل العملي هو أن تكون الحوافز محل تنافس من قبل الخريجين وليس بالضرورة أن تكون فقط مادية ولكن هناك أساليب وظيفية كثيرة جاذبة، وللقطاعات العسكرية باع شبه ناجح في هذا المجال وإن كان القطاع العسكري قطاعا إلزاميا، بينما في القطاع المدني الأمر اختياري. إذا لا بد أن يكون أكثر جاذبية ولا بد أن نعترف بأن الحوافز الحالية فاشلة ولا بد من إعادة دراستها. أتمنى من وزارة المالية أن تستحدث برنامجا صغيرا بتكلفة محدودة وتختار منطقة صغيرة لتجربة هذا البرنامج لأن المخاطرة ستكون محدودة. ولك أن تتخيل ذهاب مجموعة من الأطباء المتخرجين إلى منطقة نائية تكون الحوافز فيها مغرية جدا والمدة محدودة بسنة "لتقل تكلفة هذا البرنامج" أجزم أن هذه المجموعة سترفع من المستوى الصحي في تلك القرية وتعزز ثقة المواطن بالخدمات الصحية، وقد يطالب هؤلاء الأطباء ببرامج تدريب مصغرة لطب الأسرة يكون معترفا بها من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية "اعترافا جزئيا"، وسيكونون بذرة جميلة تفيد في القطاع الصحي والتعليمي وغيرهما كثير.
ذلك يعني باختصار أنهم سيسهمون في بث الحياة الصحية والأمل في تلك القرى. وسيكون هناك تنافس ووساطات للحصول على هذا الانتداب.
وليكن لهذا البرنامج اسم جذاب يشتهر به ويجعل من ينخرط فيه مثار إعجاب في المجتمع. ولك أن تتخيل أن هذا الخريج كم سيجمع من المال والخبرة خلال هذه السنة، ما يكون له انطلاقة موفقة في حياته العملية وأيضا ستسهم هذه السنة في صقل شخصيته العملية.
أتمنى أن ترى مثل هذه المبادرة النور وأكرر وأقول لنقدم هذه التجربة الصغيرة، وأنا على يقين أنها ستكبر وتعمم.
وسيتنافس الخريجون للذهاب للمناطق النائية "وسيسعدون ويسعدون".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي