ضغوط الأسواق وشكوك المستثمرين 

تتعرض العملات المشفرة لمزيد من الضغوط، خصوصا في الأيام القليلة الماضية، وهذه العملات تواجه بالفعل مصاعب متفاوتة في أكثر من ميدان، ولا سيما حالة عدم اليقين في مستقبلها، والشكوك التي تواجه حراكها بشكل عام، فضلا عن المواقف السلبية لعدد من الدول المؤثرة عالميا حيال العملات الإلكترونية بشكل عام.

وقد أصبح من الطبيعي التراجعات والارتفاعات المفاجئة لهذه العملات، في الوقت الذي تتجه فيه بعض الدول الكبرى إلى طرح عملاتها الإلكترونية الخاصة بها، أو حتى عملات مشفرة مشتركة بين أكثر من دولة، وهذا سيؤثر بالطبع سلبا فيما هو موجود من عملات إلكترونية على الساحة في الوقت الراهن.

حتى إن بعض الحكومات باتت تتخذ موقفا عدائيا من العملات المشفرة إلى درجة التشكيك بدورها في مجال غسيل الأموال، وهذا ما أظهرته مثلا كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي في أكثر من مناسبة.

وسط هذه الحالة التي تمر بها العملات المشفرة، تتعرض العملة الأهم والأشهر بيتكوين إلى ضغوط شديدة، أدت الأسبوع الماضي إلى فقدانها نصف قيمتها دفعة واحدة، والعوامل لهذا التراجع المخيف عديدة، في مقدمتها، إصرار الصين على رفض تسعير الأصول بالعملات المشفرة ككل، إلى جانب - طبعا - تراجع إيلون ماسك، رئيس شركة تسلا لإنتاج السيارات الكهربائية عن قرار أعلنه سابقا، ببيع إنتاجه من السيارات بعملة بيتكوين، وهذه الأخيرة تلقت في الواقع قبل عدة أشهر دفعة قوية جدا، من جانب ماسك نفسه، الذي ضخ أكثر من مليار دولار في بيتكوين، الأمر الذي رفع قيمتها إلى مستويات تاريخية حقا، فالوحدة من هذه العملة وصلت إلى أكثر من 65 ألف دولار، فور إعلان ماسك عن استثماره هذا.

الضغوط على العملات المشفرة لن تتوقف، ليس فقط على صعيد إمكانية ظهور عملات تنافسية تكتسب مصداقية أكبر، بل تردد المستثمرين الكبار في ضخ أموال فيها، خصوصا أولئك الذين لا يحبون المخاطرة، أو الذين لا يستثمرون بالأجل الطويل، لكن تظل المواقف الحكومية أكثر ضغطا على العملات الإلكترونية بشكل عام، ولا سيما رفضها تسعير منتجاتها بها.

والمشكلة أن العملات المشفرة الرئيسة تواجه ضغوطا أكثر من تلك التي يمكن وصفها بالهامشية، فقد صاحب هبوط قيمة بيتكوين أكثر من 50 في المائة، هبوط مماثل للعملة الثانية من حيث الأهمية "إيثيريم" في الأسبوعين الماضيين، متأثرة بموقف الحكومة الصينية، وقرار شركة تسلا بعدم التسعير والبيع بالعملات المشفرة بشكل عام.

المشكلة عميقة بالفعل، لأن السلطات الصينية أعلنت موقفا واضحا يتعلق بمستقبل العملات المشفرة، عندما عدتها غير حقيقية، فضلا عن عدم السماح لأي جهة صينية بتسعير منتجاتها أو خدماتها بهذه الأصول الافتراضية. وستواجه العملات المشفرة مزيدا من العوائق في المستقبل، إلى أن تخضع للرقابة الحكومية حول العالم، فهذه العملات ليس لها أرقام تسلسلية، ولا يبدو أن البنوك المركزية تسعى لإخضاع هذه العملات إلى لوائحها، بل تفكر البنوك المشار إليها في إصدار عملاتها الإلكترونية الخاصة بها.

وما يسند العملات الإلكترونية بشكل عام، هو الاستثمارات التي خصصت لها في عدد من المحافظ الاستثمارية، علما بأن النسبة الأكبر من هذه الاستثمارات ليست طويلة الأجل، ما يسبب اضطرابا للعملات بين الحين والآخر، دون أن ننسى، أن بعض المستثمرين ينظرون إلى عملة بيتكوين على وجه الخصوص، كنوع من التحوط الفاعل في مواجهة أي ارتفاع محتمل للتضخم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي