«البحر الأحمر» على خريطة السياحة العالمية
في هذه الأيام تضع حكومة المملكة على خريطة الاستثمارات العامة ثلاثة مشاريع ستنقل المملكة إلى مصاف الدول العظمى على خريطة السياحة العالمية. المشروع الأول هو مشروع البحر الأحمر وهو موضوع هذا المقال، ثم مشروع نيوم، وثالث الأثافي مشروع القدية.
وهذه المشاريع تغطي مساحات كبيرة من مساحة البلاد المترامية الأطراف. والواضح أن الخطة السعودية في هذه المرحلة من تاريخ مملكتنا الفتية تتميز بالنضج والابتكار والشفافية، حيث إنها تختار المشاريع ذات القيمة الكبرى والعائد للاقتصاد الوطني الذي بدأ يتجه إلى تنمية الموارد الجديدة وتنويع الإنتاج والاقتصاد التي كانت بعيدة عن التناول والاستثمار.
وإذا كانت المملكة على طريق إعادة بناء هياكل الاقتصاد الوطني، فإن موارد السياحة مرشحة كي تكون من الموارد القائدة لقاطرة الاقتصاد الوطني، كما أن تجربة مشروع البحر الأحمر ستفتح الطريق نحو تنمية موارد كثيرة أخرى لم يسبق أن حظيت بالاهتمام المطلوب. ويعد المشروع أحد أكبر مشاريع السياحة طموحا على مستوى العالم.
وجميل جدا أن يقترن هذا المشروع بخطة تنفيذية كاملة تحدد أهداف المشروع، والفترة الزمنية التي يستغرقها، وكذلك تقدر الخطة تكلفة المشروع، وحجم مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، وأهميته في دعم موارد الدولة وتنويع مصادر الدخل.
ونلاحظ في مستقبل المشروع إعلان مجلس إدارة شركة البحر الأحمر للتطوير، أن المرحلة الأولى من مشروع البحر الأحمر السياحي تتضمن بناء فندق فخم بإجمالي عدد غرف يصل إلى نحو ثلاثة آلاف غرفة، وسيتم تشييدها على خمس جزر، إضافة إلى تجهيز منتجعين في منطقة الجبال ومنطقة الصحراء، كذلك لم يغفل المشروع الرياضة البحرية التي تتضمن بناء مراس لليخوت جنبا إلى جنب مع بناء مرافق ترفيهية عالية المستوى، كذلك يتضمن المشروع بناء مطار دولي بمميزات فنية تتناسب مع ضخامة وفخامة المشروع.
ولا شك أن هذا التكامل في بناء المرافق السياحية سيجعل منطقة البحر الأحمر منطقة جاذبة لكثير من السياح والباحثين عن المناطق المريحة ذات الثراء التاريخي والطبيعي.
ووفق الخطط المعتمدة، فإن مشروع البحر الأحمر سيكون بحلول 2030 قد انتهى من بناء وتأهيل 22 جزيرة، وكذلك سيكون قد انتهى من تشييد عشرة آلاف غرفة فندقية في 90 جزيرة، إضافة إلى إنشاء المرافق السكنية والتجارية والترفيهية فائقة الفخامة، بحيث تكون جميع المنشآت في المواقع المحددة على مستوى واحد من الفخامة والأبهة والتميز.
ويستهدف المخطط المعتمد للمشروع تحقيق زيادة صافية بنسبة تصل إلى 30 في المائة خلال العقدين المقبلين.
وهذه النسبة من شأنها أن تجعل من الموقع منطقة محمية بحرية خلابة يأتي إليها الزوار والسياح من كل مكان في العالم، وستسهم هذه المشاريع في تعزيز مبادرات الاستدامة باستخدام مجموعة من أجهزة الاستشعار والمراقبة لمتابعة وقياس التغيرات التي قد تطرأ على البيئة أثناء تنفيذ المشاريع مثل نسبة ملوحة المياه، ودرجة الحرارة، ومستوى الرؤية، وتيارات المد والجزر حول الجزر التي يستهدفها المشروع، وغيرها من التغيرات المحتمل حدوثها خلال تنفيذ مشاريع البناء والتطوير.
والرائع في المشروع أنه يعتمد بكامله على الطاقة المتجددة التي تضمن بيئة نظيفة خالية من الملوثات وملبية لمعايير البيئة النظيفة الخالية من شوائب التلوث والتوسيخ. وواضح أن المشروع يحرص على ضمان حماية النظام البيئي، إضافة إلى تسجيل تسع جزر كمواقع ذات قيمة بيئية تضمن الحفاظ على دورة حياة الكائنات الحية المستوطنة في المنطقة والمهددة بالانقراض والاضمحلال.
إن هذا الاهتمام بالشأن البيئي الذي يهتم به المشروع من شأنه أن يجعل من المنطقة بيئة تتوافر فيها أعلى درجات النظافة والصحة، ويسهم بإتاحة فرص استثمارية ضخمة متاحة للمستثمرين المحليين والأجانب.
وحتى تكون الإدارة في المستوى الرفيع الذي عليه المشروع، فقد تم اعتماد نظام ذكي ورقمي يتناسب مع المستوى الرفيع الذي عليه المشروع، وسيساعد النظام الإداري الرقمي المتطور في وضع مشروع البحر الأحمر على خريطة السياحة العالمية بمعدلات تنافسية عالية، بمعنى أن مشروع البحر الأحمر سيضع المملكة على طريق المنافسة الندية مع كبرى الدول التي تتمتع بإمكانات سياحية فريدة.
من الأشياء اللافتة والجذابة إعلان أن هذا المشروع من المشاريع الوطنية الكبرى ذات المردود المباشر على الاقتصاد الكلي، التي من شأنها أن تسهم في تغيير وتطوير الهياكل الكبرى في الاقتصاد الوطني، ومن هذه المشاريع مشروع البحر الأحمر، ونيوم، والقدية.
بمعنى أن مشروع البحر الأحمر يوفر للسعودية المكانة المرموقة على خريطة السياحة العالمية، وبالتالي فإن القطاع السياحي سيكون من القطاعات الرئيسة المحققة لأعلى إيرادات الدولة، ونحمد الله سبحانه وتعالى، على أن أراضي المملكة مليئة بالخيرات والنعم، وما نحتاج إليه هو إزالة المعوقات التي كانت تحول بيننا وبين تنمية مواردنا الطبيعية التي تنعم بها السعودية من الخير والرخاء.