تأمين إمدادات الطاقة
يعيش العالم حالة من الذعر والتوجس بعد إعلان الحرب التي قامت بها روسيا ضد أوكرانيا. أمريكا وأوروبا بدأتا بالشعور بالخوف من انقطاع إمدادات الطاقة عالميا، بسبب اشتعال المنطقة أولا، ثم بسبب معارضتهما هذه الحرب ووقوفهما في الصف المضاد لروسيا. وبدأت هذه الدول البحث عن مصادر آمنة لضمان استمرار تدفق النفط والغاز لعدم الوقوع في أزمات أكبر. لذلك وجهت البعثات الدبلوماسية والرسمية وجهتها نحو الشريك الاستراتيجي الموثوق المملكة العربية السعودية ودول مجموعة "أوبك" لضمان استمرار إمدادات الطاقة. مع أن العالم وقف صامتا أعواما في مواجهة التهديدات الإرهابية المدعومة من إيران في المنطقة. والهجمات البربرية التي تشنها جماعة الحوثي بين الحين والآخر.
وصرح مصدر مسؤول في وزارة الخارجية، بـ "أن المملكة العربية السعودية تعلن أنها لن تتحمل مسؤولية أي نقص في إمدادات البترول للأسواق العالمية، في ظل الهجمات التي تتعرض لها منشآتها النفطية من الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران، وتؤكد المملكة أهمية أن يعي المجتمع الدولي خطورة استمرار إيران في تزويد الميليشيات الحوثية الإرهابية بتقنيات الصواريخ الباليستية والطائرات المتطورة دون طيار، التي تستهدف بها مواقع إنتاج البترول والغاز ومشتقاتهما في المملكة، لما يترتب على ذلك من آثار وخيمة على قطاعات الإنتاج والمعالجة والتكرير، وسيفضي ذلك إلى التأثير في قدرة المملكة الإنتاجية وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها، الأمر الذي يهدد بلا شك أمن واستقرار إمدادات الطاقة إلى الأسواق العالمية. وبين المصدر أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤوليته في المحافظة على إمدادات الطاقة ووقوفه بحزم ضد الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران وردعها عن هجماتها التخريبية التي تشكل تهديدا مباشرا لأمن الإمدادات البترولية في هذه الظروف بالغة الحساسية التي تشهدها أسواق الطاقة العالمية". «واس، 21 مارس 2022».
بعثت المملكة بهذه الرسالة الواضحة والصريحة لدول العالم، ليتحمل كل طرف مسؤوليته، وتبعات قراراته التي لا تراعي المصالح المشتركة. النظرة الفردية للمصلحة انتهت ويجب التعامل مع الجميع بلغة المصالح المشتركة. ويجب أن يضطلع كل بدوره في حماية إمدادات الطاقة وكبح الجموح الإيراني في التمدد وإثارة القلاقل في دول العالم. وإذا لم يسهم المجتمع الدولي في ذلك فستكون العواقب وخيمة.
روسيا تعد ثالث أكبر منتج للنفط "خارج أوبك" بمجموع خمسة ملايين برميل من النفط، يصدر أكثر من 50 في المائة منها إلى أوربا وأمريكا. كما تنتج نحو 240 مليار متر مكعب من الغاز كأكبر منتج في العالم، حيث تمثل إمدادات الغاز الروسي ما نسبته 40 في المائة من احتياج دول أوروبا. وبعد فرض الولايات المتحدة عقوبات على النفط والغاز الروسي، تفاعلت الأسواق مع ذلك وارتفعت أسعار النفط من 95.4 دولار للبرميل بنسبة تقارب 35 في المائة ليصل لنحو 28 دولارا للبرميل قبل أن يعود إلى 113 دولارا بتاريخ كتابة هذا المقال. يقول ألكساندر نوفاك، نائب رئيس الوزراء الروسي: إن حظر النفط الروسي ستكون له "عوقب كارثية على الأسواق الدولية". العالم يعيش حالة من الرعب لاحتمال انفجار الأسعار في حال واجهت روسيا العقوبات عليها بوقف تصدير الغاز. وهذا الأمر سيؤدي إلى ارتفاع أسعار كثير من السلع نتيجة لذلك.
رسالة المملكة واضحة لدول العالم التي صمتت أعواما عن الممارسات غير المسؤولة لإيران في دعمها جماعات وميليشيات تهدد المنطقة، فالمملكة تمثل أكبر دولة منتجة للنفط في منظمة أوبك، التي تنتج نحو 60 في المائة من النفط الخام في العالم تنتج المملكة وحدها 11 مليون برميل. وفي حال استمرار هذه التهديدات دون مساندة دولية، فإن العالم سيواجه كارثة دولية لا يمكن التنبؤ بعواقبها.