الاقتصاد العالمي في خطر «2 من 2»
تنخرط اقتصادات منطقة اليورو في المهمة الصعبة المتمثلة في الاستغناء عن الغاز الطبيعي الروسي في أقرب وقت ممكن. ويمكن أن تحدث هذه الخطوة اضطرابا في بعض الصناعات، على الرغم من أن النمو سيكون له تأثير عام متواضع وقصير الأجل. وإذا بدأت إمدادات الطاقة المتناقصة في إحداث الخسائر، فإن ذلك سيزيد من اضطرابات التعافي القوي للاقتصاد الألماني.
كذلك، خرج انتعاش اليابان المدفوع بالاستهلاك عن مساره بالفعل بسبب الاضطرابات الناجمة عن أوميكرون، ما يشوش آفاق الانتعاش المستدام. وبعد تعافيه من الوباء، يتجه اقتصاد المملكة المتحدة إلى فترة صعبة ستشهد ارتفاعا في التضخم، وفي الضرائب، واضطرابات سلسلة التوريد المصاحبة لمجموعة هائلة من الرياح المعاكسة العالمية.
لقد اشتد الخناق على عديد من اقتصادات الأسواق الناشئة والنامية التي كانت تعاني بالفعل ارتفاع التضخم العالمي، وارتفاع قيمة الدولار، والظروف المالية غير المواتية "التي تقيد وصولها إلى الأموال الأجنبية". ومع ذلك، فإن عملات الأسواق الناشئة الرئيسة صمدت عموما، ما يعكس متطلبات متواضعة لتمويل عجز الحساب الجاري والمخزونات السليمة من احتياطيات النقد الأجنبي. وكان الارتفاع الحاد في أسعار السلع بشرى سارة لبعض الاقتصادات النامية. ورغم أن الهند تتمتع بانتعاش اقتصادي حاد، إلا أن التضخم المرتفع وارتفاع أسعار النفط قد يعوقان النمو إذا تبين أنهما سيستمران. وتشهد البرازيل أيضا انتعاشا متواضعا في النمو، لكن نظرا إلى الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في تشرين الأول (أكتوبر)، فهي لا تزال تعاني عدم الاستقرار السياسي. وبطبيعة الحال، تضرر الاقتصاد الروسي بسبب مجموعة من العقوبات التجارية والمالية. ولن يؤثر هذا بصورة مباشرة في النمو العالمي، حيث بالكاد تمثل روسيا 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، لكن بالنظر إلى أهمية الدولة المتمثلة في كونها تشكل مصدرا للسلع الأساسية، فإن حربها في أوكرانيا ستزيد من ضغوط الأسعار، التي بدورها ستحد من مجال المناورة بالنسبة إلى البنوك المركزية الأخرى. إن صانعي السياسات يواجهون عملية موازنة شاقة وعالية المخاطر. إذ تتسم معظم الاقتصادات بسياسة نقدية مقيدة بالضغوط التضخمية وسياسة مالية محدودة بسبب المستويات العالية من الدين العام. وسيتطلب إبقاء الاقتصاد العالمي على مسار نمو معقول اتخاذ إجراءات متضافرة لإصلاح المشكلات الأساسية. وإضافة إلى الحد من الاضطرابات التي يسببها الوباء وإدارة التوترات الجيوسياسية، يجب أن ينظر صانعو السياسات في تدابير موجهة بصورة أكبر، مثل الاستثمار في البنية التحتية، لتعزيز الإنتاجية على المدى الطويل بدلا من مجرد تحصين الطلب قصير الأجل. وسيتطلب هذا إرادة سياسية محلية وتعاونا دوليا متضافرا، وهو ما لا نتوافر عليه بالقدر الكافي.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2022.