تحقيق العدالة للباعة الجائلين «2 من 2»
إن المقترحات الخاصة بنقل الباعة الجائلين بشكل عام إلى جميع الأسواق المغلقة بشتى أنواعها ليست سوى وعود فارغة، أو يتم تنفيذها مع تشاور محدود أو دون تشاور مع الأفراد المتضررين، ما يؤدي إلى أسواق سيئة التخطيط بعيدة عن المراكز التجارية في المدينة ويصعب الوصول إليها. أما البائعون فيتجنبون هذه المتاجر أو يتخلون عنها بسرعة، ويعودون بدلا من ذلك إلى الشوارع التي تم إخراجهم منها.
عادة ما يكون لدى الباعة الجائلين، الذين يدركون خطورة وضعهم، هدف واحد، هو ممارسة التجارة دون خوف من المضايقات أو الإخلاء. وقد ذكر عامل غير نظامي يبيع الهواتف المحمولة في كشك صغير في ضاحية جويدياواي بالقرب من داكار، في مقابلة معه من قبل منظمة ويجو "النساء في العمالة غير المنظمة: العولمة والتنظيم" التي أنتمي إليها "أعلم أنه لا يسمح لنا بالعمل هنا، لكن لدي عائلة أعولها"، وأضاف الرجل، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، "كل ما أريده هو أن أتمكن من العمل وكسب لقمة العيش". وقال مع الإشارة إلى قطعة أرض فارغة في الجهة المقابلة من الشارع "لقد طلبت أنا وبائعون آخرون من البلدية السماح لنا بالبيع هناك، لكننا لم نتلق أي رد".
وتعترف الأجندة الحضرية الجديدة للأمم المتحدة، التي تم اعتمادها في 2016، بأن الفضاء العام يمكن أن يكون بمنزلة مكان العمل ويدعم التدابير التي تسمح "بالاستخدام التجاري الأمثل للطوابق على مستوى الشارع، ما يعزز الأسواق والتجارة المحلية النظامية وغير النظامية على حد سواء". إن الإطار القانوني الذي يضمن وصول البائعين غير النظاميين إلى هذا الفضاء يجب أن يدعم أي استراتيجية لإضفاء الطابع الرسمي عليه. والواقع أنه شرط منطقي وأساسي لجميع جوانب إضفاء الطابع الرسمي الأخرى، مثل التسجيل وفرض الضرائب.
وبطبيعة الحال، باعتبارها موردا نادرا، تعد الأماكن العامة الحضرية مطلوبة بشدة، وهناك عديد من المصالح المتنافسة. لكن إدارتها الفعالة تتطلب مساهمة العمال في العمالة غير النظامية، كما أثبتت مبادرات مختلفة. في الهند، على سبيل المثال، أنشأ قانون الباعة الجائلين لعام 2014 "لجان بيع المدن"، التي تتكون من مسؤولين حكوميين وبائعين وغيرهم، لاتخاذ قرارات بشأن المواقع التجارية ومراقبة عمليات الإخلاء والترحيل. وفي التسعينيات، أشركت بلدية ليما البائعين الجائلين منذ البداية في عملية تخطيط إعادة التوطين لضمان إمكانية الوصول المناسب إلى البنية التحتية والعملاء. وفي الفترة بين عامي 2009 و2011، بدأت بلدية داكار حوارا فعالا مع التجار غير النظاميين حول عملية الانتقال.
إن هذه الأمثلة أبعد ما تكون عن الكمال. فقد تم إيقاف عملية التخطيط الشامل في ليما "على الرغم من أنها أسفرت عن عمليات نقل ناجحة"، وكذلك الحوارات في داكار، بينما تم تنفيذ قانون البائعين الجائلين في الهند جزئيا فقط. لكنها تظهر أن الإدارة الشاملة للفضاءات العامة ممكنة.
يعد التوزيع العادل للأماكن العامة أمرا بالغ الأهمية للاعتراف بالباعة الجائلين، وتقنين وصولهم إلى مكان العمل وفق أنظمة معتمدة لها تراخيصها وشروطها وحتى رسومها، حتى يتحقق الهدف المنشود وتطبيق الأنظمة والمفاهيم الاقتصادية والتجارية المعروفة، وحماية سبل عيشهم. ولن يحدث ذلك ما لم يشارك التجار غير النظاميين في السياسات والأنظمة التي تؤثر فيهم ويؤثرون فيها بشكل هادف.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2023.