ماذا ستفعل كاملا هاريس في قطاع الطاقة؟
تنحى الرئيس الأمريكي جو بايدن من المنافسة على رئاسة ثانية للإدارة الأمريكية في الشهر الماضي بعد أن فشل أمام سلفه دونالد ترمب في المناظرة الرئاسية الأولى.
ولقد ضاق الحزب الديموقراطي ذرعا من ممثله بعد أن أصبح وصول ترمب للرئاسة الأمريكية مرة أخرى حقيقة واقعة خاصة بعد محاولة اغتياله. ومع احتمالية فوز ترمب بالرئاسة الأمريكية في انتخابات نوفمبر وتصاعد نجمه بقوة، تقدمت نائبة الرئيس كامالا هاريس كمرشح بلا منافس عن الحزب الديموقراطي بعد أن يعتمدها المؤتمر الوطني الديمقراطي في الشهر الحالي الذي سيقام في مدينة شيكاغو، حيث يختار المؤتمر الوطني الديمقراطي مرشح الحزب للرئاسة بصورة رسمية.
لقد تحدثنا في مقال سابق عن مدى تأثر قطاع الطاقة في حال فوز ترمب بالرئاسة الأمريكية وكيف أنه سيقلب موازين سياسة الطاقة الحالية للولايات المتحدة ويلغي أغلب قرارات إدارة بايدن في قطاع الطاقة والسير في الاتجاه المعاكس، وهنا دعونا نرسم سيناريو فوز هاريس بالرئاسة الأمريكية وكيفية تعاطي إدارتها المحتملة لقطاع الطاقة وهل ستديره كما يديره بايدن في الوضع الحالي.
لقد كان المرشحون الجمهوريون ينتقدون الديمقراطيين في أغلب المناظرات الرئاسية السابقة وذلك لخنقهم قطاع الطاقة خاصة مع ارتفاع أسعار البنزين. لكن هاريس لعبت بورقة الجمهوريين نفسها وتفاخرت بإنتاج الطاقة الأحفورية في الولايات المتحدة خلال رئاسة بايدن، حيث صرحت قبل شهرين بقولها إن أمريكا اليوم تمتلك إنتاجًا قياسيًا من الطاقة وإنها مستقلة في مجال الطاقة، ويعد هذا التصريح من قواعد اللعبة المعروفة لدى الجمهوريين.
وعلى الرغم من أن تصريح هاريس صحيح فيما يتعلق بإنتاج الطاقة بشكل قياسي، لكنها ليست على حق كليًا فيما يتعلق باستقلالية الطاقة إذ تعد الولايات المتحدة دولة مستقلة في مجال الطاقة، لكونها منتجة للطاقة والبترول وتنتج طاقة أكثر مما تستهلك لكنها ليست منتجة للبترول الخام، وهو أساس البنزين.
ولا تستطيع عديد من المصافي الأمريكية معالجة نوع البترول الخام المنتج في الولايات المتحدة، ولذا فإن خدمة السوق المحلية تتطلب استيراد نوع مختلف من البترول من الخارج. قد يفسر تصريح هاريس أنها تسير نحو استقلالية الطاقة ومزيد من إنتاج البترول كما يدعو ترمب تماما، لكن هذا يخالف مبادئ الحزب الديمقراطي، أو قد يكون للاستهلاك السياسي والدعاية لها.
يمكن وصف هاريس بطلة خضراء في صناعة الطاقة المتجددة، وقد تكون أكثر ميلاً للتوجه الأخضر من بايدن في معالجة التغير المناخي وتقليل معدلات التلوث والانبعاثات الغازية واستخدام المركبات الكهربائية والطاقات المتجددة وبرامج كفاءة الطاقة، والمضي بقوة فيها من خلال تسهيل مشاريع وبرامج ورؤى وتخفيض رسوم الاستيراد لها.
وبغض النظر عن نتيجة الانتخابات سواءً ترامب أو هاريس، سيتأثر نمو قدرات الطاقة وأسعار الفائدة وترخيص المشاريع في الولايات المتحدة، حيث من المرجح أن تسعى إدارة هاريس في حال فوزها إلى تخفيضات أسعار الفائدة ببطء، الأمر الذي من شأنه أن يشكل تحديًا لصناعة الطاقة المتجددة.
إن ارتفاع معدلات السماح بالمشاريع وقلة رأس المال المتاح بأسعار فائدة مناسبة سيؤدي بالضرورة إلى إبطاء وتيرة إضافات القدرات في صناعة الطاقة المتجددة. ولعل من الغرابة أن أسعار الفائدة ستنخفض بشكل أسرع في حال فوز ترمب، لكن من المتوقع أن تفرض إدارته رسوم استيراد إضافية على المكونات الصينية أو الهندية أو الأوروبية التي تعتمد عليها الشركات المصنعة لطاقة الرياح أو الطاقة الشمسية أو البطاريات، الأمر الذي قد يُسبِّب انتكاسًا لصناعة الطاقة المتجددة.
ومع أن هذه الصناعة قد تشهد نموًا بطيئا مع فوز هاريس، لكن الإمكانات الهائلة للسوق قد لا تكون مستغلة بالكامل، وبالتأكيد سيعتمد تنفيذ أغلب الإجراءات الإدارية على سيطرة الديمقراطيين أو الجمهوريين على مجلسي النواب والشيوخ.