هذّبه الفنّ

يقول الرّسام العالمي مارك شاغال : ''جميعنا يعرف أن الشخص الجيد يمكن أن يكون فنانا سيئا، ولكن ليس من الممكن أن نجد فنانًا نابغًا إلا إذا كان إنسانًا رائعًا، ومن ثم فهو شخص جيد أيضًا.''
أتّفق تماماً مع شاغال فيما ذهب إليه ، لأن البشر بطبيعتهم يبحثون عن السّبل المختلفة للتعبير عن دواخلهم لكنّها تتدرج بين التعبير السطحي والعميق، والفنّان ما هو إلا إنسان بمقدرة عظيمة للتعبير عن الذات بشتّى السبل وبعمق. وهذا الإنسان يصبح بالضرورة رائعاً بالتناسب مع الفنّ الذي يقدمه، ففنه يهذبه ويزرع في داخله قيماً جميلة ومحببة.
والفنّ بمعناه الواسع هو ما يخرجه الإنسان من عالم الخيال إلى عالم الحسّ ليحدث في النّفس طرباً أو إعجاباً أو تأثراً بالجمال.
أي أنّه لا يقتصر على رسم لوحة بالألوان ، أو تأليف مقطوعة موسيقى.
لكنّ الإنتاج الفنّي ليس محلّ الحديث بقدر ما يصنعه من أثر على من يقدمه، فالفنّان الذي يرسم يقترب كثيراً من مجتمعه والحياة اليومية والتفاصيل لكي يتمكن من تسجيلها. والكاتب كذلك والنحّات، فأي تجربة يقدمانها بمعزل عن الحياة اليومية والناس لن تبقي أثراً ولن تلامس الواقع.
والفنّان القريب من الشارع يعرف جيداً ما تعنيه تفاصيلهم لهم فيحملها من روتينها ليضعها في إطار جماليّ إما لتأكيدها وإشاعتها وإما لتهذيبها وتقويمها.هذه الصلة الوثيقة ما إن تُفقد حتّى يتحوّل الإعجاب بما يقدمه الفنّان إلى استنكار واستهجان، ولا يُقصد بذلك عدم تناسبه مع ذوق البعض بل الرّفض الكلي والشامل من كل المتلقين على اختلاف خلفياتهم الاجتماعية والثقافية.وهذا بالضرورة يوصلنا لاستنتاج مفاده أنّ ليس كلّ ما يطلق عليه فناً يعدّ كذلك. والدليل ما تعرضه علينا وسائل الإعلام ونشر الفنون المختلفة – خاصة خلال رمضان المبارك - هذه الإنتاجات المكدّسة بلا مقصد أو غرض نبيل ، فلا هي هذبتنا ولا هذبت أصحابها!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي