وزارة الإسكان والحزم المحمود

ما أعلنته وزارة الإسكان أخيرا عن سحب ثلاثة مشاريع إسكانية في الخرمة وناوان والعلا بعد أن استنفدت جميع فرص حث المقاولين على دفع العمل مؤشر إيجابي على أن وزارة الإسكان تسير في طريق ممتاز ورائع وصحيح، طريق عنوانه الرئيس أن الوزارة لن تقبل أي تسيّب أو خلل في مشاريع المواطنين المستحقة، ولن تجامل كائنا من كان في تنفيذ مساكن المواطنين بأعلى المواصفات والجودة وفي الفترات الزمنية المحددة وفق العقود المبرمة. حزم الوزارة المحمود في الرقابة على المقاولين والتأكد من مدى جودة تنفيذهم رسالة تقبَّلها الجميع بطمأنينة وسرور، رسالة مفادها أن مشاريع وزارة الإسكان لن يسمح لها أن تكون ورشة تدريب أو تأهيل للمقاولين ومهندسيهم وعمالتهم. واقترح على الوزارة أن تأسس لائحة ''سوداء'' تضم جميع المقاولين الذين أخفقوا في تنفيذ مواصفات الوزارة، والذين سحبت منهم المشاريع؛ حتى لا يتقدموا ويظفروا بمشاريع مستقبلية مع الوزارة، كما اقترح أن تتبنى الوزارات الأخرى مثل هذه اللائحة. فمشاريع الإسكان ''والوزارات الأخرى كذلك بطبيعة الحال'' والمواصفات الإنشائية المتميزة يجب أن تكون خطا أحمر لا يُسمح لأحد بتجاوزه. ويجب أن يحسب المقاول ألف حساب قبل التقدم لإحدى مناقصات الوزارة، فمواطنونا الكرام لا يستحقون إلا الأفضل والأجود، وهذا حق مستحق لا يجب التهاون في تحقيقه أبدا وتحت أي ظرف كان.
وزارة الإسكان تضرب أروع الأمثلة لتعاون وتكامل الجهات والدوائر الحكومية لتنفيذ مشاريع الإسكان حين ''تشكر وتثمّن دور الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ''نزاهة'' في متابعة تنفيذ مشاريع الدولة بشتى قطاعاتها بما فيها قطاع الإسكان وكذلك الجهات الرقابية الأخرى''. فلا يمكن أن تنجح المشاريع بالشكل الذي يحقق تطلعات المواطنين إلا بتكامل عمل أجهزة الدولة كافة، وبالذات الجهات الرقابية وعلى رأسها ''نزاهة''، ذلك لأنها تملك الكوادر العلمية والفنية المتخصصة والعالية التأهيل.
والحقيقة أن وزارة الإسكان لم تتأخر أبدا في سرعة إجراءات الاعتماد وصرف المستحقات لدفع المقاولين للإنجاز، ولكن يبدو أن ذلك لم يكن كافيا لأن يقوم المقاولون بعملهم بالشكل المطلوب. بعض المقاولين توسع في أعماله ومشاريعه بما يفوق قدرته على التنفيذ، وهذا فشل واضح من المقاولين في العمل وفق إمكاناتهم، فشل لسنا على استعداد لتحمله، فشل عانته بلادنا وأخذ صورا عديدة واضحة للعيان من خلال المشاريع الحكومية المتعثرة المنتشرة والواضحة للجميع. وشخصيا أرى وجوب إعادة النظر في آليات تصنيف شركات المقاولات، فعلى الرغم من أن جميع شركات المقاولات التي تتعامل معها وزارة الإسكان مصنفة كأول وثانٍ ضمن تصنيف المقاولين، إلا أن الواقع يشير إلى أن سحب عدد من المشاريع الإسكانية ''وتعثر مشاريع الوزارات الأخرى كما هو مشاهد'' يدل على أن التصنيف العالي لم يعد ضمانا للجودة والقدرة على التنفيذ.
إن الحزم الذي أبدته وزارة الإسكان في تطبيق اللوائح والأنظمة في مشاريع الوزارة يشكل مصدر طمأنينة لجميع المراقبين وإن الوزارة ستنجح في تنفيذ الدور المنوط بها على وجه نتمنى أن يحقق تطلعات الجميع. فالحرص على أن تكون المنشآت الإسكانية في أعلى درجات الجودة ومنفذة بأعلى درجات المعايير الإنشائية والفنية والحزم مع المقاولين الذين يبدون تقصيرا والذين يفشلون في تنفيذ ما أنيط بهم القيام به، دليل على مهنية فائقة وحرص بالغ من القائمين على الوزارة، ولهم منا الشكر على ما يقومون به. كما أن تعاون وزارة الإسكان مع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ومع الجهات الرقابية المختلفة مؤشر وعي إداري على ضرورة تكامل الجهات الحكومية مع بعضها لتحقيق أعلى درجات جودة التنفيذ، الذي يحقق تطلعات المواطنين لما ينبغي أن تكون عليه بلادنا الحبيبة. إن الدعم اللا محدود من قبل خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين للمشاريع التنموية المختلفة التي تشمل جميع القطاعات على حد سواء، ينبغي لها أن تنفذ على أكمل وجه وبأعلى درجات الجودة والمواصفات، ولكي يتأتى ذلك لا بد من الحزم في تطبيق الأنظمة واللوائح على الجميع ودون استثناء لأي شخص كائنا من كان، وبذلك وحده ستنمو بلادنا وتحقق أعلى الرتب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي